كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 13)

(بَاب أَكْلِ الْقِثَّاءِ بِالرُّطَبِ)
[2043] فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ) وَالْقِثَّاءُ بِكَسْرِ الْقَافِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَفِيهِ لُغَةٌ بِضَمِّهَا وَقَدْ جَاءَ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ زيادة قال يكسر حرهذا بَرْدُ هَذَا فِيهِ جَوَازُ أَكْلِهِمَا مَعًا وَأَكْلِ الطعامين معا والتوسع فى الأطعمة ولاخلاف بين العلماء فى جواز هذا ومانقل عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِنْ خِلَافِ هَذَا فَمَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ اعْتِيَادِ التَّوَسُّعِ وَالتَّرَفُّهِ وَالْإِكْثَارِ مِنْهُ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ دِينِيَّةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(بَاب اسْتِحْبَابِ تَوَاضُعِ الْآكِلِ وَصِفَةِ قُعُودِهِ)
[2044] فِيهِ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْعِيًا يَأْكُلُ تَمْرًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أُتِيَ بِتَمْرٍ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم يقسمه وهو محتفر يَأْكُلُ مِنْهُ أَكْلًا ذَرِيعًا وَفِي رِوَايَةٍ أَكْلًا حَثِيثًا قَوْلُهُ (مُقْعِيًا) أَيْ جَالِسًا عَلَى أَلْيَتَيْهِ نَاصِبًا سَاقَيْهِ وَمُحْتَفِزٌ هُوَ بِالزَّايِ أَيْ مُسْتَعْجِلٌ مُسْتَوْفِزٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ فِي جُلُوسِهِ وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ مُقْعِيًا وَهُوَ أَيْضًا مَعْنَى قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي صحيح البخارى وغيره لاآكل مُتَّكِئًا عَلَى مَا فَسَّرَهُ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ فَإِنَّهُ قال المتكئ هنا المتمكن فِي جُلُوسِهِ مِنَ التَّرَبُّعِ وَشِبْهِهِ الْمُعْتَمِدُ عَلَى الْوِطَاءِ تَحْتَهُ قَالَ وَكُلُّ مَنِ اسْتَوَى قَاعِدًا على وطاء فهو متكئ ومعناه لاآكل أَكْلَ مَنْ يُرِيدُ الِاسْتِكْثَارَ مِنَ الطَّعَامِ وَيَقْعُدُ لَهُ مُتَمَكِّنًا بَلْ أَقْعُدُ مُسْتَوْفِزًا وَآكُلُ قَلِيلًا وقوله أكلاذريعا وَحَثِيثًا هُمَا بِمَعْنًى أَيْ مُسْتَعْجِلًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِاسْتِيفَازِهِ لِشُغْلٍ آخَرَ فَأَسْرَعَ فِي الْأَكْلِ وَكَانَ اسْتِعْجَالُهُ لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ وَيَرُدَّ الْجَوْعَةَ ثُمَّ يَذْهَبَ فِي ذَلِكَ الشُّغْلِ وَقَوْلُهُ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الصفحة 227