كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 13)

(باب من قتل كافرا ثم سدد)

[1891] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَجْتَمِعُ كَافِرٌ وَقَاتِلُهُ فِي النَّارِ أَبَدًا) وَفِي رِوَايَةٍ لايجتمعان فِي النَّارِ اجْتِمَاعًا يَضُرُّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ قِيلَ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مُؤْمِنٌ قَتَلَ كَافِرًا ثُمَّ سَدَّدَ قَالَ الْقَاضِي فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى يُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا مُخْتَصٌّ بِمَنْ قَتَلَ كَافِرًا فِي الْجِهَادِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُكَفِّرًا لِذُنُوبِهِ حَتَّى لَا يُعَاقَبَ عَلَيْهَا أَوْ يَكُونُ بِنِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ أَوْ حَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عِقَابُهُ إِنْ عُوقِبَ بِغَيْرِ النَّارِ كَالْحَبْسِ فِي الْأَعْرَافِ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ أَوَّلًا وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ أَوْ يَكُونَ إِنْ عُوقِبَ بِهَا فى غير موضع عقاب الكفار ولايجتمعان فِي إِدْرَاكِهَا قَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ (اجْتِمَاعًا يَضُرُّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اجْتِمَاعٌ مَخْصُوصٌ قَالَ وَهُوَ مُشْكِلُ الْمَعْنَى وأوجه مافيه أن يكون معناه ماأشرنا إليه أنهما لايجتمعان فِي وَقْتٍ إِنِ اسْتَحَقَّ الْعِقَابَ فَيُعَيِّرُهُ بِدُخُولِهِ مَعَهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَنْفَعْهُ إِيمَانُهُ وَقَتْلُهُ إِيَّاهُ وَقَدْ جَاءَ مِثْلُ هَذَا فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ لَكِنْ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُؤْمِنٌ قَتَلَ كَافِرًا ثُمَّ سَدَّدَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا سَدَّدَ وَمَعْنَاهُ اسْتَقَامَ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمُثْلَى وَلَمْ يَخْلِطْ لَمْ يَدْخُلِ النَّارَ أَصْلًا سَوَاءٌ قَتَلَ كَافِرًا أَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ قَالَ الْقَاضِي وَوَجْهُهُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ ثُمَّ سَدَّدَ عَائِدًا عَلَى الْكَافِرِ الْقَاتِلِ وَيَكُونُ بِمَعْنَى الْحَدِيثِ السَّابِقِ يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ تَغَيَّرَ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَأَنَّ صَوَابَهُ مُؤْمِنٌ قَتَلَهُ كَافِرٌ ثُمَّ سَدَّدَ وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ لايجتمعان فِي النَّارِ اجْتِمَاعًا يَضُرُّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَيْ لايدخلانها لِلْعِقَابِ وَيَكُونُ هَذَا اسْتِثْنَاءً مِنِ اجْتِمَاعِ الْوُرُودِ وَتَخَاصُمِهِمْ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ هَذَا آخِرُ كَلَامِ القاضي

الصفحة 37