كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 14)

مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحِلْمِ وَالْأَخْلَاقِ الْمُرضِيَةِ وَالْمَحَاسِنِ الْمُرْضِيَةِ وَكَرَمِ النَّفْسِ وَالصَّبْرِ وَالْإِغْضَاءِ عَنْ حُقُوقِهِ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْأَلْ عَنْ نصيبه من اللبن قوله فى الأعنز (اذاهن حُفَّلٌ كُلُّهُنَّ) هَذِهِ مِنْ مُعْجِزَاتِ النُّبُوَّةِ وَآثَارِ بَرَكَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ (فَحَلَبْتُ فِيهِ حَتَّى عَلَتْهُ رَغْوَةٌ) هِيَ زَبَدُ اللَّبَنِ الَّذِي يَعْلُوهُ وَهِيَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ مَشْهُورَاتٌ وَرِغَاوَةٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَحُكِيَ ضمها ورغاية بِالضَّمِّ وَحُكِيَ الْكَسْرُ وَارْتَغَيْتُ شَرِبْتُ الرَّغْوَةَ قَوْلُهُ (فَلَمَّا عَلِمْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَوِيَ وَأَصَبْتُ دَعَوْتَهُ ضَحِكْتُ حَتَّى أُلْقِيتُ إِلَى الْأَرْضِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم احدى سوآتك يامقداد) مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ حُزْنٌ شَدِيدٌ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَدْعُوَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهِ أَذْهَبَ نَصِيبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَعَرَّضَ لِأَذَاهُ فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَوِيَ وَأُجِيبَتْ دَعْوَتُهُ فَرِحَ وَضَحِكَ حَتَّى سَقَطَ إِلَى الْأَرْضِ مِنْ كَثْرَةِ ضَحِكِهِ لِذَهَابِ مَا كَانَ بِهِ مِنَ الْحُزْنِ وَانْقِلَابِهِ سُرُورًا بِشُرْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ لِمَنْ أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ وَجَرَيَانِ ذَلِكَ عَلَى يَدِ الْمِقْدَادِ وَظُهُورِ هَذِهِ الْمُعْجِزَةِ وَلِتَعَجُّبِهِ مِنْ قُبْحِ فِعْلِهِ أَوَّلًا وَحُسْنِهِ آخِرًا وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى الله عليه وسلم احدى سوآتك يامقداد أى انك فعلت سوءة مِنَ الْفَعَلَاتِ مَا هِيَ فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

الصفحة 15