كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 14)

وَشَبِعْنَا وَفَضَلَ فِي الْقَصْعَتَيْنِ فَحَمَلْتُهُ عَلَى الْبَعِيرِ) الْحُزَّةُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ وَالْقَصْعَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَتَانِ ظَاهِرَتَانِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَاهُمَا تَكْثِيرُ سَوَادِ الْبَطْنِ حَتَّى وَسِعَ هَذَا الْعَدَدَ وَالْأُخْرَى تَكْثِيرُ الصَّاعِ وَلَحْمِ الشَّاةِ حَتَّى أَشْبَعَهُمْ أَجْمَعِينَ وَفَضَلَتْ مِنْهُ فَضْلَةٌ حَمَلُوهَا لِعَدَمِ حَاجَةِ أَحَدٍ إِلَيْهَا وَفِيهِ مُوَاسَاةُ الرُّفْقَةِ فِيمَا يَعْرِضُ لَهُمْ مِنْ طُرْفَةٍ وَغَيْرِهَا وَأَنَّهُ إِذَا غَابَ بَعْضُهُمْ خُبِّئَ نَصِيبُهُ

[2057] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَلَاثَةٍ وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ بِسَادِسٍ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ فَلْيَذْهَبْ بِثَلَاثَةٍ وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَلْيَذْهَبْ بِثَلَاثٍ قَالَ الْقَاضِي هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ هُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِسِيَاقِ بَاقِي الْحَدِيثِ قُلْتُ وَلِلَّذِي فِي مُسْلِمٍ أَيْضًا وَجْهٌ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مُوَافَقَةِ الْبُخَارِيِّ وَتَقْدِيرُهُ فَلْيَذْهَبْ بِمَنْ يُتِمُّ ثَلَاثَةً أَوْ بِتَمَامِ ثَلَاثَةٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدَّرَ فيها أقواتها فى أربعة أيام أَيْ فِي تَمَامِ أَرْبَعَةٍ وَسَبَقَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ إِيضَاحُ هَذَا وَذِكْرُ نَظَائِرِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضِيلَةُ الْإِيثَارِ وَالْمُوَاسَاةِ وَأَنَّهُ إِذَا حَضَرَ ضِيفَانٌ كَثِيرُونَ فَيَنْبَغِي لِلْجَمَاعَةِ أَنْ يَتَوَزَّعُوهُمْ وَيَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَنْ يَحْتَمِلُهُ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِكَبِيرِ الْقَوْمِ أَنْ يَأْمُرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ وَيَأْخُذَ هُوَ مَنْ يُمْكِنُهُ قَوْلُهُ (وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ وَانْطَلَقَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشَرَةٍ) هَذَا مُبَيِّنٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ

الصفحة 17