كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 14)

والنساء وعن بن الزُّبَيْرِ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِمَا ثُمَّ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى إِبَاحَتِهِ لِلنِّسَاءِ وَتَحْرِيمِهِ عَلَى الرِّجَالِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الْمُصَرِّحَةُ بِالتَّحْرِيمِ مَعَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا فِي تَشْقِيقِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْحَرِيرَ بَيْنَ نِسَائِهِ وَبَيْن الْفَوَاطِمِ خُمُرًا لَهُنَّ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الصِّبْيَانُ فَقَالَ أَصْحَابُنَا يَجُوزُ إِلْبَاسُهُمُ الْحُلِيَّ وَالْحَرِيرَ فِي يَوْمِ الْعِيدِ لأنه لاتكليف عَلَيْهِمْ وَفِي جَوَازِ إِلْبَاسِهِمْ ذَلِكَ فِي بَاقِي السَّنَةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا جَوَازُهُ وَالثَّانِي تَحْرِيمُهُ وَالثَّالِثُ يَحْرُمُ بَعْدَ سِنِّ التَّمْيِيزِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَعَنْ شُرْبٍ بِالْفِضَّةِ فَقَدْ سَبَقَ إِيضَاحُهُ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ (وَعَنِ الْمَيَاثِرِ) فَهُوَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ قَبْلَ الرَّاءِ قَالَ الْعُلَمَاءُ هُوَ جَمْعُ مِئْثَرَةٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهِيَ وِطَاءٌ كَانَتِ النِّسَاءُ يَضَعْنَهُ لِأَزْوَاجِهِنَّ عَلَى السُّرُوجِ وَكَانَ مِنْ مَرَاكِبِ الْعَجَمِ وَيَكُونُ مِنَ الْحَرِيرِ وَيَكُونُ مِنَ الصُّوفِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ أَغْشِيَةٌ لِلسُّرُوجِ تُتَّخَذُ مِنَ الْحَرِيرِ وَقِيلَ هِيَ سُرُوجٌ مِنَ الدِّيبَاجِ وَقِيلَ هِيَ شَيْءٌ كَالْفِرَاشِ الصَّغِيرِ تُتَّخَذُ مِنْ حَرِيرٍ تُحْشَى بِقُطْنٍ أَوْ صُوفٍ يَجْعَلُهَا الرَّاكِبُ عَلَى الْبَعِيرِ تَحْتَهُ فَوْقَ الرَّحْلِ وَالْمِئْثَرَةُ مَهْمُوزَةٌ وَهِيَ مِفْعَلةٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ مِنْ الْوَثَارَةِ يُقَالُ وَثُرَ بِضَمِّ الثَّاءِ وَثَارَةً بِفَتْحِ الْوَاوِ فَهُوَ وَثِيرٌ أَيْ وَطِيءٌ لَيِّنٌ وَأَصْلُهَا مِوْثَرَةٌ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ ياء لكسرة ما قبلها كما فى ميزان وميقات وميعادمن الْوَزْنِ وَالْوَقْتِ وَالْوَعْدِ وَأَصْلُهُ مِوْزَانُ وَمِوْقَاتُ وَمِوْعَادُ قَالَ الْعُلَمَاءُ فَالْمِئْثَرَةُ إِنْ كَانَتْ مِنَ الْحَرِيرِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِيمَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ فَهِيَ حَرَامٌ لِأَنَّهُ جُلُوسٌ عَلَى الْحَرِيرِ وَاسْتِعْمَالٌ لَهُ وَهُوَ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى رَحْلٍ أَوْ سَرْجٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَإِنْ كانت مئثرة من غيرالحرير فَلَيْسَتْ بِحِرَامٍ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ مَكْرُوهَةً أَيْضًا فان الثوب الأحمر لاكراهة فيه سواء كانت حمراء أم لاوقد ثَبَتَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ حُلَّةً حَمْرَاءَ وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ كَرَاهَتَهَا لِئَلَّا يَظُنَّهَا الرَّائِي مِنْ بَعِيدٍ حَرِيرًا وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ الْمُرَادُ بِالْمِئْثَرَةِ جُلُودُ السِّبَاعِ وَهَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِلْمَشْهُورِ الَّذِي أَطْبَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ اللُّغَةِ وَالْحَدِيثِ وَسَائِرُ الْعُلَمَاءُ وَاللَّهُ أعلم وأما القسى فهو بفتح القاف وكسرالسين الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ فَتْحِ الْقَافِ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَبَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ يَكْسِرُهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ أَهْلُ الْحَدِيثِ يَكْسِرُونَهَا وأهل مصر

الصفحة 33