كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 14)

يُنَوِّنُونَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ حُلَّةٌ سِيَرَاءُ كَمَا قَالُوا نَاقَةٌ عُشَرَاءُ قَالُوا هِيَ بُرُودٌ يُخَالِطُهَا حَرِيرٌ وَهِيَ مُضَلَّعَةٌ بِالْحَرِيرِ وَكَذَا فَسَّرَهَا فِي الْحَدِيثِ فى سننأبى دَاوُدَ وَكَذَا قَالَهُ الْخَلِيلُ وَالْأَصْمَعِيُّ وَآخَرُونَ قَالُوا كأنها شبهت خطوطها بالستور وقال بن شِهَابٍ هِيَ ثِيَابٌ مُضَلَّعَةٌ بِالْقَزِّ وَقِيلَ هِيَ مُخْتَلِفَةُ الْأَلْوَانِ وَقَالَ هِيَ وَشْيٌ مِنْ حَرِيرٍ وَقِيلَ إِنَّهَا حَرِيرٌ مَحْضٌ وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى حُلَّةٌ مِنَ إِسْتَبْرَقٍ وَفِي الْأُخْرَى مِنْ دِيبَاجٍ أَوْ حَرِيرٍ وَفِي رِوَايَةٍ حُلَّةُ سُنْدُسٍ فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ تُبَيِّنُ أَنَّ هَذِهِ الْحُلَّةَ كَانَتْ حَرِيرًا مَحْضًا وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي يَتَعَيَّنُ الْقَوْلُ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَاتِ وَلِأَنَّهَا هِيَ الْمُحَرَّمَةُ أَمَّا الْمُخْتَلِطُ مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ فَلَا يَحْرُمُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَرِيرُ أَكْثَرَ وَزْنًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أهل اللغة الحلة لاتكون إلاثوبان وَتَكُونُ غَالِبًا إِزَارًا وَرِدَاءً وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ فِي هَذِهِ الْحُلَّةِ دَلِيلٌ لِتَحْرِيمِ الْحَرِيرِ عَلَى الرِّجَالِ وَإِبَاحَتِهِ لِلنِّسَاءِ وَإِبَاحَةِ هَدِيَّتِهِ وَإِبَاحَةِ ثَمَنِهِ وَجَوَازِ إِهْدَاءِ الْمُسْلِمِ إِلَى الْمُشْرِكِ ثَوْبًا وَغَيْرَهُ وَاسْتِحْبَابِ لِبَاسِ أَنْفَسِ ثِيَابِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَعِنْدَ لِقَاءِ الْوُفُودِ وَنَحْوِهِمْ وَعَرْضِ الْمَفْضُولِ عَلَى الْفَاضِلِ وَالتَّابِعِ عَلَى الْمَتْبُوعِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ من مصالحة التى قد لايذكرها وَفِيهِ صِلَةُ الْأَقَارِبِ وَالْمَعَارِفِ وَإِنْ كَانُوا كُفَّارًا وَجَوَازُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ من لاخلاق له فى الآخرة) قيل معناه من لانصيب له فى الآخرة وقيل من لاحرمة له وقيل من لادين لَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى الْكُفَّارِ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ يَتَنَاوَلُ الْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ وَاللَّهُ أعلم قوله (فكساها عمر أخاله مُشْرِكًا بِمَكَّةَ) هَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَفِي رواية للبخارى فِي كِتَابٍ قَالَ أَرْسَلَ

الصفحة 38