كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 14)

بِهَا عُمَرُ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةٍ فِي مُسْنَدِ أَبِي عَوَانَةَ الْإِسْفَرَايِنِيِّ فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ مِنْ أُمِّهِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مُشْرِكًا وفىهذا كله دَلِيلٌ لِجَوَازِ صِلَةِ الْأَقَارِبِ الْكُفَّارِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَجَوَازُ الْهَدِيَّةِ إِلَى الْكُفَّارِ وَفِيهِ جَوَازُ إِهْدَاءِ ثياب الحرير إلى الرجال لأنها لاتتعين لِلُبْسِهِمْ وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ فِيهِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ رِجَالَ الْكُفَّارِ يَجُوزُ لَهُمْ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَهَذَا وَهْمٌ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا فِيهِ الْهَدِيَّةُ إِلَى كَافِرٍ وَلَيْسَ فِيهِ الْإِذْنُ لَهُ فِي لُبْسِهَا وَقَدْ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ وَعَلِيٍّ وأسامة رضى الله عنهم ولايلزم مِنْهُ إِبَاحَةُ لُبْسِهَا لَهُمْ بَلْ صَرَّحَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا أَعْطَاهُ لِيَنْتَفِعَ بِهَا بِغَيْرِ اللُّبْسِ وَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ وَالْأَكْثَرُونَ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرْعِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمُ الْحَرِيرُ كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ والله أعلم قوله (رأى عمر عطارد التَّمِيمِيَّ يُقِيمُ بِالسُّوقِ حُلَّةً) أَيْ يَعْرِضُهَا لِلْبَيْعِ

الصفحة 39