كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 14)

مَدُّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحُ الذَّالِ وَفَتْحُ الرَّاءِ وَكَسْرُ الْبَاءِ وَحَكَى صَاحِبُ الْمَشَارِقِ وَالْمَطَالِعِ أَنَّ جَمَاعَةً فَتَحُوا الْبَاءَ عَلَى هَذَا الثَّانِي وَالْمَشْهُورُ كَسْرُهَا قَوْلُهُ (كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ يَا عُتْبَةُ بْنَ فرقد أنه ليس من كدك ولاكد أَبِيكَ فَأَشْبِعِ الْمُسْلِمِينَ فِي رِحَالِهِمْ مِمَّا تَشْبَعُ مِنْهُ فِي رَحْلِكَ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ وَزِيَّ أَهْلِ الشِّرْكِ وَلَبُوسَ الْحَرِيرِ) أَمَّا قَوْلُهُ كَتَبَ إِلَيْنَا فَمَعْنَاهُ كَتَبَ إِلَى أَمِيرِ الْجَيْشِ وَهُوَ عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ لِيَقْرَأَهُ عَلَى الْجَيْشِ فَقَرَأَهُ عَلَيْنَا وَأَمَّا قَوْلُهُ (لَيْسَ مِنْ كَدِّكَ) فَالْكَدُّ التَّعَبُ وَالْمَشَقَّةُ وَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّ هَذَا الْمَالَ الَّذِي عِنْدَكَ لَيْسَ هُوَ مِنْ كَسْبِكَ وَمِمَّا تَعِبْتَ فِيهِ وَلَحِقَتْكَ الشِّدَّةُ وَالْمَشَقَّةُ فِي كَدِّهِ وَتَحْصِيلِهِ ولاهو مِنْ كَدِّ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَوَرِثْتَهُ مِنْهُمَا بَلْ هو مال المسلمين فشاركهم فيه ولاتختص عَنْهُمْ بِشَيْءٍ بَلْ أَشْبِعْهُمْ مِنْهُ وَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ أَيْ مَنَازِلِهِمْ كَمَا تَشْبَعُ مِنْهُ فِي الجنس والقدر والصفة ولاتؤخر أرزاقهم عنهم ولاتحوجهم يَطْلُبُونَهَا مِنْكَ بَلْ أَوْصِلْهَا إِلَيْهِمْ وَهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ بِلَا طَلَبٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ (وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ وزى العجم) فهوبكسر الزَّايِ وَلَبُوسُ الْحَرِيرِ هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّ الْبَاءِ مَا يَلْبَسُ مِنْهُ وَمَقْصُودُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ حَثُّهُمْ عَلَى خُشُونَةِ الْعَيْشِ وصلابتهم

الصفحة 46