كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 15)

تصرف في هذه الوجوه قاله بن السِّكِّيتِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ النَّيْسَابُورِيُّ إِنَّمَا هُوَ إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمُزْهِرِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَهُوَ مُوقِدُ النَّارِ لِلْأَضْيَافِ قَالَ وَلَمْ تَكُنِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ الْمِزْهَرَ بِكَسْرِ الْمِيمِ الَّذِي هُوَ الْعُودُ إِلَّا مَنْ خَالَطَ الْحَضَرَ قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا خَطَأٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَلِأَنَّ الْمِزْهَرَ بِكَسْرِ الْمِيمِ مَشْهُورٌ فِي أَشْعَارِ الْعَرَبِ وَلِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ لَهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةَ مِنْ غَيْرِ الْحَاضِرَةِ فَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُنَّ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْيُمْنِ قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْحَادِي عَشْرَةَ وَفِي بَعْضِهَا الْحَادِيَةَ عَشْرَ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ قَوْلُهَا (أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ هُوَ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مِنْ أُذُنَيَّ عَلَى التَّثْنِيَةِ وَالْحُلِيُّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَالنَّوْسُ بِالنُّونِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْحَرَكَةِ من كل شئ مُتَدَلٍّ يُقَالُ مِنْهُ نَاسَ يَنُوسُ نَوْسًا وَأَنَاسَهُ غَيْرُهُ أَنَاسَةً وَمَعْنَاهُ حَلَّانِي قِرَطَةً وَشُنُوفًا فَهيَ تَنَوَّسُ أَيْ تَتَحَرَّكُ لِكَثْرَتِهَا قَوْلُهَا (وَمَلَأَ مِنْ شحم عضدي) وقال العلماءمعناه أَسْمَنَنِي وَمَلَأ بَدَنِي شَحْمًا وَلَمْ تُرِدِ اخْتِصَاصَ الْعَضُدَيْنِ لَكِنْ إِذَا سَمِنَتَا سَمِنَ غَيْرُهُمَا قَوْلُهَا (وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي) هُوَ بِتَشْدِيدِ جِيمِ بَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ أَفْصَحُهُمَا الْكَسْرُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْفَتْحُ ضَعِيفَةٌ وَمَعْنَاهُ فرحني ففرحت وقال بن الْأَنْبَارِيِّ وَعَظَّمَنِي فَعَظُمْتُ عِنْدَ نَفْسِي يُقَالُ فُلَانٌ يتبجحبكذا أَيْ يَتَعَظَّمُ وَيَفْتَخِرُ قَوْلُهَا (وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ) أَمَّا قَوْلُهَا فِي غُنَيْمَةٍ فَبِضَمِّ الْغَيْنِ تَصْغِيرُ الْغَنَمِ أَرَادَتْ أَنَّ أَهْلَهَا كَانُوا أَصْحَابَ غَنَمٍ لَا أَصْحَابَ خَيْلٍ وَإِبِلٍ لِأَنَّ الصَّهِيلَ أَصْوَاتُ الْخَيْلِ وَالْأَطِيطَ أَصْوَاتُ الْإِبِلِ وَحَنِينِهَا وَالْعَرَبُ لَا تَعْتَدُّ بِأَصْحَابِ الْغَنَمِ وَإِنَّمَا يَعْتَدُّونَ بِأَهْلِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَأَمَّا قَوْلُهَا بِشِقٍّ فَهُوَ بِكَسْرِ الشِّينِ وَفَتْحِهَا وَالْمَعْرُوفُ فِي رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ وَالْمَشْهُورُ لِأَهْلِ الْحَدِيثِ كَسْرُهَا وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ فَتْحُهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ هُوَ بِالْفَتْحِ قَالَ وَالْمُحَدِّثُونَ يَكْسِرُونَهُ قَالَ وَهُوَ مَوْضِعٌ وَقَالَ الهروي الصواب الفتح قال بن الْأَنْبَارِيِّ هُوَ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ وَهُوَ مَوْضِعٌ وَقَالَ بن أبي أويس وبن حَبِيبٍ يَعْنِي بِشِقِّ جَبَلِ لِقِلَّتِهِمْ وَقِلَّةِ غَنَمِهِمْ وَشِقِّ الْجَبَلِ نَاحِيَتُهُ وَقَالَ القبتيني وَيَقِطُونَهُ بِشِقٍّ بِالْكَسْرِ أَيْ بِشَظَفٍ مِنَ الْعَيْشِ وَجَهْدٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا عِنْدِي أَرْجَحُ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا غَيْرُهُ فَحَصَلَ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَقَوْلُهَا وَدَائِسٌ هُوَ الَّذِي يَدُوسُ الزَّرْعَ فِي بَيْدَرِهِ قَالَ الْهَرَوِيُّ وَغَيْرُهُ يُقَالُ دَاسَ

الصفحة 217