كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 15)
فَخَطَبَ الْأَحْيَاءَ خُطْبَةَ مُوَدِّعٍ كَمَا قَالَ النَّوَّاسُ بْنُ سَمْعَانَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ وَفِيهِ مَعْنَى الْمُعْجِزَةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ وَكَوَاكِبِهَا أَلَا فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ الْمُصْحِيَةِ آنِيَةُ الْجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا لَمْ يَظْمَأْ آخِرَ مَا عَلَيْهِ يَشْخَبُ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنَ الْجَنَّةِ) أَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ فَهُوَ بِتَخْفِيفِ أَلَا وَهِيَ الَّتِي لِلِاسْتِفْتَاحِ وَخَصَّ اللَّيْلَةَ الْمُظْلِمَةَ المصحية لأن النجوم ترى فيها أكثر والراد بِالْمُظْلِمَةِ الَّتِي لَا قَمَرَ فِيهَا مَعَ أَنَّ النُّجُومَ طَالِعَةٌ فَإِنَّ وُجُودَ الْقَمَرِ يَسْتُرُ كَثِيرًا من النجوم وأما قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آنِيَةُ الْجَنَّةِ فَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِرَفْعِ آنِيَةُ وَبَعْضُهُمْ بِنَصْبِهَا وَهُمَا صَحِيحَانِ فَمَنْ رَفَعَ فَخَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هِيَ آنِيَةُ الْجَنَّةِ وَمَنْ نَصَبَ فَبِإِضْمَارِ أَعْنِي أَوْ نَحْوِهِ وَأَمَّا آخِرَ مَا عَلَيْهِ فَمَنْصُوبٌ وَسَبَقَ نَظِيرُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَأَمَّا يَشْخُبُ فَبِالشِّينِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْيَاءُ مَفْتُوحَةٌ وَالْخَاءُ مَضْمُومَةٌ وَمَفْتُوحَةٌ وَالشَّخْبُ السَّيَلَانُ وَأَصْلُهُ مَا خَرَجَ مِنْ تحت يد الحالب عند كل عمرة وَعَصْرَةٍ لِضَرْعِ الشَّاةِ وَأَمَّا الْمِيزَابَانِ فَبِالْهَمْزِ وَيَجُوزُ قَلْبُ الْهَمْزَةِ يَاءً
الصفحة 60