كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 16)

(بَاب تَصْرِيفِ اللَّهِ تَعَالَى الْقُلُوبَ كَيْفَ شَاءَ)
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[2654] (إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ هَذَا مِنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ وَفِيهَا الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ قَرِيبًا أَحَدُهُمَا الْإِيمَانُ بِهَا مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِتَأْوِيلٍ وَلَا لِمَعْرِفَةِ الْمَعْنَى بَلْ يُؤْمَنُ بِأَنَّهَا حَقٌّ وَأَنَّ ظَاهِرَهَا غَيْرُ مُرَادٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ليس كمثله شئ وَالثَّانِي يُتَأَوَّلُ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهَا فَعَلَى هَذَا الْمُرَادُ الْمَجَازُ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ فِي قَبْضَتِي وَفِي كَفِّي لَا يُرَادُ بِهِ أَنَّهُ حَالٌّ فِي كَفِّهِ بَلِ الْمُرَادُ تَحْتَ قُدْرَتِي وَيُقَالُ فُلَانٌ بَيْنَ إِصْبَعِي أُقَلِّبُهُ كَيْفَ شِئْتُ أَيْ أَنَّهُ مِنِّي عَلَى قَهْرِهِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ كَيْفَ شِئْتُ فَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُتَصَرِّفٌ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ وَغَيْرِهَا كَيْفَ شَاءَ لا يمتنع عليه منها شئ ولا يفوته ما أراده كما لايمتنع عَلَى الْإِنْسَانِ مَا كَانَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ فَخَاطَبَ الْعَرَبَ بِمَا يَفْهَمُونَهُ وَمَثَّلَهُ بِالْمَعَانِي الْحِسِّيَّةِ تَأْكِيدًا لَهُ فِي نُفُوسِهِمْ فَإِنَّ قِيلَ فَقُدْرَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَاحِدَةٌ وَالْإِصْبَعَانِ لِلتَّثْنِيَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَجَازٌ وَاسْتِعَارَةٌ فَوَقَعَ التَّمْثِيلُ بحسب ما اعتادوه غَيْرُ مَقْصُودٍ بِهِ التَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(باب كل شئ بِقَدَرٍ)
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[2655] (كُلُّ شئ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزُ وَالْكَيْسُ أَوْ قَالَ الْكَيْسُ والعجز) قال

الصفحة 204