كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 17)

(باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا

[2805] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا لَوْ كَانَتْ لَكَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِهَا فَيَقُولُ نَعَمْ فَيَقُولُ قَدْ أَرَدْتُ مِنْكُمْ أَهْوَنَ من هذا وأنت فى صلب آدم أن لا تُشْرِكَ إِلَى قَوْلِهِ فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ) وَفِي رِوَايَةٍ فَيُقَالُ قَدْ سُئِلْتُ أَيْسَرَ مِنْ ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةٍ فَيُقَالُ كَذَبْتَ قَدْ سُئِلْتَ أَيْسَرَ مِنْ ذَلِكَ الْمُرَادُ أَرَدْتُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى طَلَبْتُ مِنْكَ وَأَمَرْتُكَ وَقَدْ أَوْضَحَهُ فِي الرِّوَايَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ بِقَوْلِهِ قَدْ سُئِلْتَ أَيْسَرَ فَيَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُ أَرَدْتُ عَلَى ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ أَنْ يُرِيدَ اللَّهُ تَعَالَى شَيْئًا فَلَا يَقَعُ وَمَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُرِيدٌ لِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ خَيْرِهَا وَشَرِّهَا وَمِنْهَا الْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ فَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُرِيدٌ لِإِيمَانِ الْمُؤْمِنِ وَمُرِيدٌ لِكُفْرِ الْكَافِرِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّهُ أَرَادَ إِيمَانَ الْكَافِرِ وَلَمْ يُرِدْ كُفْرَهُ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْبَاطِلِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ إِثْبَاتُ الْعَجْزِ فِي حَقِّهِ سُبْحَانَهُ وَأَنَّهُ وَقَعَ)

الصفحة 147