كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 17)

بِهِ فِي مَنَامِهِ وَتَرْوِيعِهِ إِيَّاهُ الثَّانِيَةُ النَّوْمُ عَلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ إلى الانتباه الثالثة ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى لِيَكُونَ خَاتِمَةُ عَمَلِهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ أَيْ اسْتَسْلَمْتُ وَجَعَلْتُ نَفْسِي مُنْقَادَةً لَكَ طائعة لحكمك قال العلماءالوجه وَالنَّفْسُ هُنَا بِمَعْنَى الذَّاتِ كُلِّهَا يُقَالُ سَلَّمَ وَأَسْلَمَ وَاسْتَسْلَمَ بِمَعْنًى وَمَعْنَى أَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ أى توكلت عليك واعتمدتك فىأمرى كُلِّهِ كَمَا يَعْتَمِدُ الْإِنْسَانُ بِظَهْرِهِ إِلَى مَا يُسْنِدُهُ وَقَوْلُهُ رَغْبَةً وَرَهْبَةً أَيْ طَمَعًا فِي ثَوَابِكَ وَخَوْفًا مِنْ عَذَابِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ أَيْ الْإِسْلَامِ وأن أصبحت أصبت خيرا أَيْ حَصَلَ لَكَ ثَوَابُ هَذِهِ السُّنَنِ وَاهْتِمَامُكُ بِالْخَيْرِ وَمُتَابَعَتُكُ أَمْرَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ فَرَدَّدْتُهُنَّ لِأَسْتَذْكِرُهُنَّ فَقُلْتُ آمَنْتُ بِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ قَالَ قُلْ آمَنْتُ بِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ إِنْكَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدِّهِ اللَّفْظَ فَقِيلَ إِنَّمَا رَدَّهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ آمَنْتُ بِرَسُولِكَ يَحْتَمِلُ غَيْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ وَاخْتَارَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ سَبَبَ الْإِنْكَارِ أَنَّ هَذَا ذِكْرٌ وَدُعَاءٌ فَيَنْبَغِي فِيهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى اللَّفْظِ الْوَارِدِ بِحُرُوفِهِ وَقَدْ يَتَعَلَّقُ الْجَزَاءُ بِتِلْكَ الْحُرُوفِ وَلَعَلَّهُ أُوحِي إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَيَتَعَيَّنُ أَدَاؤُهَا بِحُرُوفِهَا وَهَذَا الْقَوْلُ حَسَنٌ وَقِيلَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فِيهِ جَزَالَةٌ مِنْ حَيْثُ صَنْعَةِ الْكَلَامِ وَفِيهِ جَمْعُ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ فَإِذَا قال رسولك الذى أرسلت فان هذان الأمران مَعَ مَا فِيهِ مِنْ تَكْرِيرِ لَفْظِ رَسُولٍ وأرسلت وأهل البلاغة يعيبو وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ شَرْحِ خُطْبَةِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الرِّسَالَةِ النُّبُوَّةُ ولاعكسه وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِمَنْعِ الرِّوَايَةِ

الصفحة 33