كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 17)

وَيَجُوزُ فَتْحُهَا فِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ سَبَقَ بَيَانُهَا قَرِيبًا قَوْلُهُ (انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً فَادْعُوا اللَّهَ بِهَا لَعَلَّهُ يُفَرِّجُهَا) اسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا بِهَذَا عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ فِي حَالِ كَرْبِهِ وَفِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ وَغَيْرِهِ بِصَالِحِ عَمَلِهِ وَيَتَوَسَّلُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِهِ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ فَعَلُوهُ فَاسْتُجِيبَ لَهُمْ وَذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَعْرِضِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ وَجَمِيلِ فَضَائِلِهِمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَفَضْلِ خِدْمَتِهِمَا وَإِيثَارِهِمَا عَمَّنْ سِوَاهُمَا مِنَ الْأَوْلَادِ وَالزَّوْجَةِ وَغَيْرِهِمْ وَفِيهِ فَضْلُ الْعَفَافِ وَالِانْكِفَافِ عن المحرمات لاسيما بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا وَالْهَمِّ بِفِعْلِهَا وَيُتْرَكُ لِلَّهِ تَعَالَى خَالِصًا وَفِيهِ جَوَازُ الْإِجَارَةِ وَفَضْلُ حُسْنِ الْعَهْدِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَالسَّمَاحَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ وَفِيهِ إِثْبَاتُ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ قَوْلُهُ (فَإِذَا أَرَحْتُ عَلَيْهِمْ حَلَبْتُ) مَعْنَاهُ إِذَا رَدَدْتُ الْمَاشِيَةَ مِنَ الْمَرْعِي إِلَيْهِمْ وَإِلَى مَوْضِعِ مَبِيتِهَا وَهُوَ مُرَاحُهَا بِضَمِّ الْمِيمِ يُقَالُ أَرَحْتُ الْمَاشِيَةَ وَرَوَّحْتُهَا بِمَعْنًى قَوْلُهُ (نَأَى بِي ذَاتَ يوم الشجر) وفى بعض ناءبى فالأول يجعل الْهَمْزَةِ قَبْلَ الْأَلِفِ وَبِهِ قَرَأَ أَكْثَرُ الْقُرَّاءِ السبعة والثانى عَكْسُهُ وَهُمَا لُغَتَانِ وَقِرَاءَتَانِ وَمَعْنَاهُ بَعُدَ وَالثَّانِي الْبُعْدُ قَوْلُهُ (فَجِئْتُ بِالْحِلَابِ) هُوَ بِكَسْرِ الْحَاءِ وهو الإناء الذى يحلب فيه يسع حلبة ناقة ويقال له المحلب بكسر الميم قال القاضي وقد يريد بالحلاب هنااللبن الْمَحْلُوبُ قَوْلُهُ (وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ) أَيْ يَصِيحُونَ وَيَسْتَغِيثُونَ مِنَ الْجُوعِ قَوْلُهُ (فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي) أى

الصفحة 56