كتاب شرح السنة للبغوي (اسم الجزء: 1)

قَالَ: " ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ أَحَبَّ عَبْدًا لَا يُحِبُّهُ إِلا لِلَّهِ، وَمَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَن مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى، وَمُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ.
وَقَوْلُهُ: «مَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ»، فَالْعَوْدُ: قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الرُّجُوعِ إِلَيْهِ بَعْدَ مَا دَخَلَ فِي الإِسْلامِ، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْمَصِيرِ إِلَيْهِ ابْتِدَاءً، وَمِنْهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي قِصَّةِ شُعَيْبٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [سُورَة الْأَعْرَاف 88] قَالَ قَوْمٌ مَعْنَاهُ: لَتَصِيرُنَّ إِلَى مِلَّتِنَا، لأَنَّ شُعَيْبًا لَمْ يَكُنْ قَطُّ فِي الْكُفْرِ.
وَقِيلَ: الْخِطَابُ مَعَ أَصْحَابِ شُعَيْبٍ الَّذِينَ دَخَلُوا فِي دِينِهِ وَاتَّبَعُوهُ بَعْدَ مَا كَانُوا كُفَّارًا.

الصفحة 49