كتاب شرح السنة للبغوي (اسم الجزء: 2)

قُلْتُ: وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: «كَانَ بِلالٌ يُؤَذِّنُ إِذَا دَحَضَتْ، وَلا يُقِيمُ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
وَعَنْ هَذَا قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ الْمُؤَذِّنَ أَمْلَكُ بِالأَذَانِ، وَالإِمَامَ أَمْلَكُ بِالإِقَامَةِ.
وَقَدْ كَرِهَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَنْتَظِرَ النَّاسُ الإِمَامَ وَهُمْ قِيَامٌ.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَنْتَظِرُوا الإِمَامَ قِيَامًا، وَلَكِنْ قُعُودًا، وَيَقُولُونَ: ذَلِكَ السُّمُودُ، وَالسُّمُودُ: هُوَ الْغَفْلَةُ، وَالذِّهَابُ عَنِ الشَّيْءِ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النَّجْم: 61] أَيْ: لاهُونَ سَاهُونَ.
وَقَالَ قَوْمٌ: إِذَا كَانَ الإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ، وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ يَقُومُونَ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُبَارَكِ.
وَسُئِلَ مَالِكٌ: مَتَّى يَقُومُ النَّاسُ حِينَ تُقَامُ الصَّلاةُ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ بِحَدٍّ يُقَامُ لَهُ، وَلَكِنْ أَرَى ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ طَاقَةِ النَّاسِ، فَإِنَّ مِنْهُمُ الْخَفِيفَ وَالثَّقِيلَ.
وَقِيلَ: يَقُومُونَ عِنْدَ قَوْلِهِ: «حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ»، فَإِذَا قَامَتِ الصَّلاةُ " كَبَّرَ الإِمَامُ.
رُوِيَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: «قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ» كَبَّرَ، فَسُئِلَ عَنْ صَلاتِهِ، فَقَالَ: كَذَا كَانَتْ صَلاةُ عُمَرَ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ تُقَامُ فَيَأْخُذُ النَّاسُ مَصَافَّهُمْ،

الصفحة 313