كتاب شرح السنة للبغوي (اسم الجزء: 2)

قَبْلَ أَنْ يَقُومَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَامَهُ».
قُلْتُ: مَعْنَى هَذَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّ الإِمَامَ إِذَا خَرَجَ يُقِيمُ الْمُؤَذِّنُ، وَالنَّاسُ يَأْخُذُونَ مَصَافَّهُمْ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الإِمَامُ إِلَى مُصَلاهُ، فَأَمَّا إِذَا خَرَجَ الإِمَامُ بِعُذْرٍ بَعْدَ الإِقَامَةِ، فَانْتَظَرُوهُ قِيَامًا إِلَى أَنْ يَعُودَ فَحَسَنٌ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَقُمْنَا فَعَدَّلْنَا الصُّفُوفَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلاهُ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ، فَانْصَرَفَ، وَقَالَ لَنَا: مَكَانَكُمْ، فَلَمْ نَزَلْ قِيَامًا نَنْتَظِرُهُ حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا، وَقَدِ اغْتَسَلَ يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً، فَكَبَّرَ وَصَلَّى.
قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ الإِقَامَةِ عَلَى خُرُوجِ الإِمَامِ، وَأَنَّ الْخُرُوجَ عَنِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الإِقَامَةِ بِعِلَّةِ طَهَارَةٍ أَوْ عُذْرٍ جَائِزٍ، فَأَمَّا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَيُكْرَهُ الْخُرُوجُ عَنِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الأَذَانِ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، قَالَ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ مَا أُذِّنَ فِيهِ بِالْعَصْرِ،

الصفحة 314