كتاب شرح السنة للبغوي (اسم الجزء: 3)
فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الأَوْقَاتِ يُصَلِّي بَعْدَهُ رَكْعَتَيْنِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّهُ طَافَ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ»، وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.
وَقِيلَ: الرُّخْصَةُ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ التَّطَوُّعَاتِ، لأَنَّهُ رُوِيَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ «إِلا بِمَكَّةَ» وَذَلِكَ لِفَضِيلَةِ الْبُقْعَةِ.
وَكَرِهَهُ قَوْمٌ كَمَا فِي سَائِرِ الْبِلادِ، وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالُوا: إِذَا طَافَ بَعْدَ الصُّبْحِ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، أَوْ بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ «أَنَّهُ طَافَ بَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ، فَلْمَ يُصَلِّ، وَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى نَزَلَ بِذِي طُوَى، فَصَلَّى بَعْدَمَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ».
وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمُ الصَّلاةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَعْنَى الدُّعَاءِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ «لَا يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ».
الصفحة 332