كتاب شرح السنة للبغوي (اسم الجزء: 3)

أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، نَا أَبُو عِيسَى، نَا قُتَيْبَةُ، نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ «كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ يَرْجِعَ إِلَى قَوْمِهِ فَيَؤُمُّهُمْ».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى بِالْجَمَاعَةِ صَلاةً، ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً أُخْرَى يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَهَا ثَانِيًا مَعَهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ فِيهَا قَوْمًا.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ صَلاةِ الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُنْتَفِلِ، لأَنَّ مُعَاذًا كَانَتْ صَلاتُهُ الثَّانِيَةُ نَافِلَةً، وَصَلاةُ الْقَوْمِ خَلْفَهُ فَرِيضَةً، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَبِهِ قَالَ الأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَذَهَبَ هَؤُلاءِ إِلَى أَنَّ اخْتِلافَ نِيَّةِ الإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ صَلاةِ الْمَأْمُومِ، رُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْقَوْمُ فِي صَلاةِ الْعَصْرِ، وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهَا صَلاةُ الظُّهْرِ، فَائْتَمَّ بِهِ؟ قَالَ: صَلاتُهُ جَائِزَةٌ.

الصفحة 435