كتاب شرح السنة للبغوي (اسم الجزء: 4)
كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ".
وَالْقُرَّاءُ الْمَعْرُفُونَ أَسْنَدُوا قِرَاءَتَهُمْ إِلَى الصَّحَابَةِ، فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ، وَنَافِعٌ أَسْنَدَا إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ أَسْنَدَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَأَسَنْدَ عَاصِمٌ إِلَى عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَزَيْدٍ، وَأَسْنَدَ حَمْزَةُ إِلَى عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَهَؤُلاءِ قَرَءُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَثَبَتَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَانَ مَجْمُوعًا مَحْفُوظًا كُلُّهُ فِي صُدُورِ الرِّجَالِ أَيَّامَ حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤَلَّفًا هَذَا التَّأْلِيفَ، إِلا سُورَةَ بَرَاءَةَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ: مَا حَمَلَكُمْ أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى الأَنْفَالِ، وَهِيَ مِنَ الْمَثَانِي وَإِلَى بَرَاءَةَ، وَهِيَ مِنَ الْمِئِينَ، فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ، وَتُنَزَّلُ عَلَيْهِ السُّوَرُ، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ، دَعَا بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُهُ، فَقَالَ: ضَعُوا هَؤُلاءِ الآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا، وَكَانَتِ الأَنْفَالُ مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ بَرَاءَةٌ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ، وَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا، فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا، فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَرَنْتُ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
الصفحة 518
536