كتاب شرح السنة للبغوي (اسم الجزء: 5)

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَدَايَا الْعُمَّالِ وَالْوُلاةِ وَالْقُضَاةِ سُحْتٌ، لأَنَّهُ إِنَّمَا يُهْدَى إِلَى الْعَامِلِ لِيُغْمِضَ لَهُ فِي بَعْضِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ، وَيَبْخَسَ بِحَقِّ الْمَسَاكِينِ، وَيُهْدَى إِلَى الْقَاضِي لِيَمِيلَ إِلَيْهِ فِي الْحُكْمِ، أَوْ لَا يُؤْمَنَ مِنْ أَنْ تَحْمِلَهُ الْهَدِيَّةُ عَلَيْهِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَفِي قَوْلِهِ: «هَلا جَلَسَ فِي بَيْتِ أُمِّهِ أَوْ أَبِيهِ، فَيَنْظُرُ يُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا؟» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ أَمْرٍ يُتَذَرَّعُ بِهِ إِلَى مَحْظُورٍ فَهُوَ مَحْظُورٌ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْقَرْضُ يَجُرُّ الْمَنْفَعَةَ، وَالدَّارُ الْمَرْهُونَةُ يَسْكُنُهَا الْمُرْتَهِنُ بِلا كِرَاءٍ، وَالدَّابَّةُ الْمَرْهُونَةُ يَرْكَبُهَا، وَيَرْتَفِقُ بِهَا مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، وَكُلُّ دَخِيلٍ فِي الْعُقُودِ يُنْظَرُ هَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ عِنْدَ الانْفِرَادِ كَحُكْمِهِ عِنْدَ الاقْتِرَانِ.

الصفحة 498