كتاب شرح السنة للبغوي (اسم الجزء: 7)
صَحِيحٌ، وَفِيهِ أَمْرٌ بِقَطْعِ الْخُفَّيْنِ، وَلا فَسَادَ فِيمَا أَمَرَ بِهِ الشَّرْعُ، أَوْ أَذِنَ فِيهِ، إِنَّمَا الْفَسَادُ فِيمَا نَهَتْ عَنْهُ الشَّرِيعَةُ، وَلَيْسَ عَلَى الْعِبَادِ فِي أَمْرِ الشَّرِيعَةِ إِلا الاتِّبَاعُ.
وَلا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ لُبْسُ السَّرَاوِيلَ مَعَ وُجُودِ الإِزَارِ، فَإِنْ فَعَلَ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الإِزَارَ يَجُوزُ لَهُ لُبْسُ السَّرَاوِيلَ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، لِأَنَّ مُطْلَقَ الإِذْنِ فِي لِبْسِ السَّرَاوِيلِ يُوجِبُ الإِبَاحَةِ بِلا فِدْيَةٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَهُ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَيُحْكَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَفْتِقُ السَّرَاوِيلَ، وَيَتَزَرُّ بِهِ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ مُطْلَقَ لُبْسِ السَّرَاوِيلِ يُحْمَلُ عَلَى اللُّبْسِ الْمَعْهُودِ دُونَ الاتِّزَارِ بِهِ.
قَالَ الإِمَامُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ: «وَلا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ»، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ عَنِ الطِّيبِ فِي بَدَنِهِ، وَثِيَابِهِ، رَجُلا كَانَ أَوِ امْرَأَةً، وَلا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ طَعَامٍ فِيهِ طِيبٌ ظَاهِرٌ، فَإِنْ فَعَلَ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ.
وَلَوْ شَمَّ شَيْئًا مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ مِمَّا يُعَدُّ طِيبًا، كَالْوَرْدِ، وَالزَّعْفَرَانِ، وَالْوَرْسِ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَلا شَيْءَ فِي الثِّمَارِ الَّتِي لَهَا رَائِحَةٌ كَالسَّفَرْجَلِ، وَالتُّفَّاحِ، وَالْبِطِّيخِ، وَالْأُتْرُجِّ، شَمَّهَا أَوْ أَكَلَهَا.
وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّيْحَانِ، سُئِلَ عُثْمَانُ عَنِ الْمُحْرِمِ، هَلْ يَدْخُلُ الْبُسْتَانَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَيَشُمُّ الرَّيْحَانَ، وَقَالَ جَابِرٌ: لَا يَشُمُّ.
وَالْعُصْفُرُ لَيْسَ بِطِيبٍ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَابِرٍ.
وَلَبِسَتْ عَائِشَةُ الثِّيَابَ
الصفحة 244