كتاب شرح السنة للبغوي (اسم الجزء: 7)
سُفْيَانَ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَطَاءٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مَنْ أَحْرَمَ فِي قَمِيصٍ، أَوْجَبَهُ، لَا يُمَزَّقُ عَلَيْهِ، بَلْ إِنْ نَزَعَهُ فِي الْحَالِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَحُكِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: يَشُقُّهُ، وَعَنِ الشَّعْبِيِّ يُمَزَّقُ عَلَيْهِ، وَالسُّنَّةُ بِخِلافِهِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا لَبِسَ، أَوْ تَطَيَّبَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلا، فَلا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الرَّجُلَ السَّائِلَ كَانَ جَاهِلا بِالْحُكْمِ، قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالإِسْلامِ، وَلَمْ يَأْمُرُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفِدْيَةِ، وَالنَّاسِي فِي مَعْنَى الْجَاهِلِ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، أَمَّا مَا كَانَ مِنْ بَابِ الإِتْلافَاتِ مِنْ مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ كَالْحَلْقِ، وَالْقَلْمِ، وَقَتْلِ الصَّيْدِ، فَلا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْعَامِدِ، وَالنَّاسِي، وَالْجَاهِلِ، فِي لُزُومِ الْفِدْيَةِ، وَاخْتَلَفَ الْقَوْلُ فِي جِمَاعِ النَّاسِي هَلْ يُفْسِدُ الْحَجَّ، وَهَلْ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ أَمْ لَا؟.
وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ نَاسِيًا، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَامِدِ وَالنَّاسِي فِي شَيْءٍ مِنْ مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ، أَنَّهُ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ.
وَلَوْ لَبِسَ الْمَخِيطَ، أَوِ الْخُفِّ لِشِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، أَوْ لَبِسَ السِّلاحَ لِخَوْفٍ، فَجَائِزٌ، وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَقَدْ يُحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ لَا يُجَوِّزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَطَيَّبَ قَبْلَ الإِحْرَامِ بِمَا يَبْقَى أَثَرُهُ بَعْدَ الإِحْرَامِ، فَإِنَّهُ لَمَّا أُخْبِرَ بِغَسْلِ
الصفحة 248