كتاب شرح السنة للبغوي (اسم الجزء: 8)

عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ خَرَجَ مَعَهُ إِلَى الْوَلِيدِ، قَالَ: دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَنْصَارَ إِلَى أَنْ يُقْطَعَ لَهُمُ البَحْرَيْنِ، فَقَالُوا: لَا، إِلا أَنْ تُقْطِعَ لإخْوَانِنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِثْلَهَا، قَالَ: «أَمَّا لَا، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي، فَإنَّهُ سَتُصيْبُكُمْ أَثَرَةٌ بَعْدِي».
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
قَالَ الإِمَامُ: هَذَا الْحَدِيث يدل على أَنَّهُ لَا يجوز للْإِمَام أَن يُقطع للنَّاس من بِلَاد العَنوة، مَا لم يجر عَلَيْهِ ملكُ مُسْلِم، وَمن أقطعهُ السلطانُ أَرضًا مِنْهَا صَار أوْلى بهَا من غَيره، فَإِذا أَحْيَاهَا وعمرها مَلكها، وَلَا يمِلكُها قبل الْإِحْيَاء، كَمَا لَو تحجَّر أَرضًا كَانَ أولى بهَا من غَيره، وَلَا يملكُها إِلا بِالْإِحْيَاءِ، وَكَذَلِكَ لَو أفرخ طَائِر على شَجَرَة مَمْلُوكَة لرجل، كَانَ أولى بالفرخ من غَيره، وَلَا يمِلكه حَتَّى يأخذهُ.

الصفحة 276