كتاب شرح السنة للبغوي (اسم الجزء: 9)

ويحتج من يجوز إِجْبَار الْبكر الْبَالِغَة على النِّكَاح بقوله: «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا»، قَالُوا: مَفْهُومه يدل على أَن الْوَلِيّ أحقُّ بالبكر مِنْهَا بِنَفسِهَا، وَذكر كل وَاحِدَة على الِانْفِرَاد دَلِيل على اخْتِلَافهمَا فِي الحكم، وَمعنى قَوْله «أَحَق بِنَفسِهَا».
أَرَادَ فِي اخْتِيَار الزَّوْج لَا فِي العقد، فَإِن مُبَاشرَة العقد عَلَيْهَا إِلَى وَليهَا.
2256 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُجَمِّعٍ ابْنَيْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ الأَنْصَارِيَّةِ، أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «فَرَدَّ نِكَاحَهَا».
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مَالِكٍ
قَالَ الإِمَامُ: فِيهِ دَلِيل أَن تزويجَ الثّيّب لَا يجوز إِلا بِإِذْنِهَا، وذكرُ الثيابة فِي الْحَدِيث يدلُّ على أَن حكم الْبكر بِخِلَاف ذَلِكَ، لِأَن تَقْيِيد الشَّيْء بأخص أَوْصَافه يدل على أَن مَا عداهُ بِخِلَافِهِ، وَلَيْسَ المُرَاد من رد النِّكَاح رفعا بعد الِانْعِقَاد، وَإِنَّمَا هُوَ حكم بِأَنَّهُ مَرْدُود غيرُ مُنْعَقد.

الصفحة 33