كتاب شرح السنة للبغوي (اسم الجزء: 9)

وَقد أجَاز بَعضهم للْمَرْأَة تَزْوِيج نَفسهَا، وَهُوَ قَول أَصْحَاب الرَّأْي، وَقَالَ أَبُو ثَوْر: إِن زوجت نَفسهَا بِإِذن الْوَلِيّ، صَحَّ النِّكَاح، وَإِن تزوجت بِغَيْر إِذْنه لَا يَصح، لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أيُّما امْرَأَة نكحت بِغَيْر إِذن وَليهَا».
وَمَعْنَاهُ عِنْد الْعَامَّة: أَن يَلِي الْوَلِيّ العقد عَلَيْهَا، أَو يَأْذَن لَهَا فِي تَوْكِيل من يَلِي العقد عَلَيْهَا من الرِّجَال، فَإِن وكلت دون إِذن الْوَلِيّ، فَبَاطِل.
وَقَالَ مَالِك: إِن كَانَت الْمَرْأَة دنيئة فلهَا أَن تُزوِّج نَفسهَا، أَو تَأمر مَنْ يُزوجها، وَإِن كَانَت شريفة فَلَا، وَلَفظ الْحَدِيث عَام فِي سلب الْولَايَة عَنْهُن من غير تَخْصِيص.
قَالَ الإِمَامُ: وَفِي قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» دَلِيل على أَن العقد لَا يكون مَوْقُوفا على إجَازَة الْوَلِيّ، وَفِي قَوْله: «فَإِن أَصَابَهَا فلهَا الْمهْر» دَلِيل على أَن وَطْء الشُّبْهَة يُوجب مهرَ الْمثل، وَلَا يجب بِهِ الحدُّ، ويثبتُ النّسَب.
قَالَ الإِمَامُ رَحمَه اللَّه: فَمن فعله عَالما عزّر، لما رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَة بْن خَالِد، قَالَ: جمعتِ الطريقَ رفْقَة فيهم امرأَةٌ ثيِّب، فولَّت رجلا مِنْهُم أمرهَا، فَزَوجهَا رجلا، فجلد عُمَر بْن الْخَطَّاب الناكحَ والمنكِحَ، ورد نِكَاحهَا.

الصفحة 42