كتاب شرح السنة للبغوي (اسم الجزء: 11)

ذَلِكَ، فَوَاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لَا أَقْضِي فِيهَا غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا، فَادْفَعَاهَا إِلَيَّ، فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهَا.
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيِّ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ مَالِكٍ
قَالَ أبُو داوُد السجسْتانِي حِين روى هَذَا الْحدِيث فِي سنَنه: إِنّما سألاه أَن يُصيِّرها بيْنهُما نِصْفَيْنِ، فَقَالَ عُمر: لَا أوقعُ عليْها اسْم القسْمِ.
قَالَ أبُو سُليْمان الْخطابِيّ: مَا أحْسن مَا قَالَ أبُو داوُد، والّذِي يدلُّ من نفس الْحدِيث على مَا قَالَ أبُو داوُد قوْل عُمر رضِي اللهُ عنْهُ: إِنّما جِئْتُمانِي وكلِيمتُكُما واحِدةٌ، وأمْرُكُما واحِدٌ، فَهَذَا يُبيِّن أَنَّهُمَا إِنّما اخْتَصمَا إليْهِ فِي رَأْي حدث لَهما فِي أَسبَاب الْولَايَة وَالْحِفْظ، فَرَأى كُل وَاحِد مِنْهُمَا التفرد، وَلَا يجوز عَلَيْهِمَا أَن يَكُونَا طالباه بِأَن يَجعله مِيرَاثا بيْنهُما، ويردّه ملكا بعد أَن كَانَا سلمّاهُ فِي أيّام أبِي بكْر، وَكَيف

الصفحة 134