كتاب شرح السنة للبغوي (اسم الجزء: 15)

عَنْ خَالِدِ بْنِ خَالِدٍ الْيَشْكُرِيِّ، قَالَ: خَرَجْتُ زَمَنَ فُتِحَتْ تُسْتَرُ حَتَّى قَدِمْتُ الْكُوفَةَ، فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا أَنَا بِحَلْقَةٍ فِيهَا رَجُلٌ صَدَعٌ مِنَ الرِّجَال، حَسَنُ الثَّغْرِ، يُعْرَفُ فِيهِ أَنَّهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ، فَقَالَ: فَقُلْتُ: مَنِ الرَّجُلُ؟ فَقَالَ الْقَوْمُ: أَوَ مَا تَعْرِفُهُ؟ قُلْتُ: لَا.
قَالُوا: هَذَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: فَقَعَدْتُ، وَحَدَّثَ الْقَوْمَ، فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ.
فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ: " إِنِّي سَأُخْبِرُكُمْ بِمَا أَنْكَرْتُمْ مِنْ ذَلِكَ: جَاءَ الإِسْلامُ حِينَ جَاءَ، فَجَاءَ أَمْرٌ لَيْسَ كَأَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَكُنْتُ قَدْ أُعْطِيتُ فِي الْقُرْآنِ فَهْمًا، فَكَانَ رِجَالٌ يَجِيئُونَ، فَيَسْأَلُونَ عَنِ الْخَيْرِ، فَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَكُونُ بَعْد هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ، كَمَا كَانَ قَبْلَهُ شَرٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ».
قُلْتُ: فَمَا الْعِصْمَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «السَّيْفُ».
قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ السَّيْفِ بَقِيَّةٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، تَكُونُ إِمَارَةٌ عَلَى أَقْذَاءٍ، وَهُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ».
قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «ثُمَّ يَنْشَأُ دُعَاةُ الضَّلالَةِ، فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ فِي

الصفحة 9