كتاب شرح أبي داود للعيني (اسم الجزء: 1)

التوفيق بينهما؟ قلت: المراد بالجنب الذي لا يدخل الملائكة بيتاً هو فيه،
هو الذي يجنب فلا يغتسل، ويتهاون به، ويتخذه عادة، وأما الجنب
الذي لا يتخذ هذا عادة، ولا يترك الاغتسال إلى أن تفوته الصلاة لا يضر
دخول الملائكة البيت، فإنه- عليه السلام- " كان ينام وهو جنب من
غير أن يمس ماء " (1) ، كما جاءت في رواية عائشة- رضي الله عنها-.
وأخرج البخاري ومسلم هذا الحديث وليس فيه: " ولا جنب "، وكذلك
رواية ابن ماجه. ورواية النسائي مثل رواية أبي داود.
213- ص- حدثنا ابن كثير قال: أنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن
الأسود، عن عائشة قالت: " كان رسولُ الله ينامُ وهو جنب من غير أن يمس
ماءً " (2) ، (3) .
ش- ابن كثير هو: محمد بن كثير البصري، وسفيان الثوري،
وأبو إسحاق السبيعي، والأسود بن يزيد.
قوله: " وهو جنب " جملة وقعت حالاً من الضمير الذي في " ينام ".
فإن قيل: هذا يعارض الأحاديث المتقدمة التي فيها الوضوء، قلت:
الجواب عن ذلك من ثلاثة أوجه، الأول: أن الحديث فيه مقال، فقال
يزيد بن هارون: وهم أبو إسحاق في هذا- يعني في قوله: " من غير أن
يمس ماء " - وقال الترمذي: " يرون أن هذا غلط من أبي إسحاق ".
وقال البيهقي: طعن الحُفاظ في هذه اللفظة. وقال الثوري: فذكرت
الحديث يوماً- يعني حديث أبى إسحاق- فقال لي إسماعيل: يا فتى،
__________
(1) انظر الحديث الآتي.
(2) الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في الجنب ينام قبل أن يغتسل
(118، 119) ، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: في الجنب ينام كهيئته لا
يمس الماء (581، 582، 583) .
(3) تنبيه: ذُكر في سنن أبي داود بعد هذا الحديث ما يلي: " قال أبو داود:
حدثنا الحسن بن علي الواسطي قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: هذا
الحديث وهم، يعني: حديث أبي إسحاق ".

الصفحة 507