كتاب شرح أبي داود للعيني (اسم الجزء: 3)

قوله: " القاصية " أي: الشاة المنفردة عن القطيع، البعيدة منه، من قَصَى الْمكانُ يَقْصُو قُصُوا: بَعُد، فهو قَصِيّ وهي قاصية وقصيّة، وقصوتُ عن القوم: تباعدتُ، والقَصَاء بالمد: البُعْدُ والناحية، وكذلك القَصَى مقصوراً، ويُقال: قصِيَ فلان عن جوارنا- بالكسر- يَقْصَى - بالفتح- قَصًى، وأقْصيتُه أنا فهو مُقْصًى، ولا تقُلْ: مَقْصِي. يريد بذلك: أن الشيطان يستحوذ ويتسلط على تارك الجماعة، كما يتسلط الذئب على الشاة المنفردة من القطيع وإنما عنى الثلاثة، لأن أقل الجمع ثلاثة حتى يُقام بهم الجمعة، ويفهم من هذا: أن الاثنان في موضع إذا صلى كل واحد بذاته لا يأثمان، وقد روي أن الاثنان وما فوقهما جماعة.
530- ص- نا عثمان بن أي شيبة: نا أبو معاوية: نا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
: " لقد هَمَمتُ أن آمُرَ بالصلاةِ فتُقامَ، ثم آمُرَ رجلاً يُصَلي بالناسِ، ثم أنطلقَ معي بِرِجال معهم حُزَمٌ من حَطب إلى قوم لا يَشْهدُونَ الصلاة، فاحَرَّقَ عليهم بيُوتَهم بالنارِ " (1) .
ش- هممتُ أيْ: قصَدْتُ، " أن آمر "، مفعوله.
وقوله: " فتقامَ " بالنَّصْب عطف على ما قبله، وكذلك " ثم آمرَ " و " ثم أنطلقَ " و " فأحرقَ " كلها مَنْصوبٌ.
وقوله: " برجال " مُتعلق بقوله: " ثم أنطلقَ " فعُدى " أنْطلق به " , والمعنى: ثم أذهب برجال.
__________
(1) البخاري: كتاب الأذان، باب: وجوب صلاة الجماعة رقم (644) ، مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل صلاة الجماعة (651) ، ابن ماجه: كتاب المساجد والجماعات، باب، التغليظ في التخلف عن الجماعة (791) .

الصفحة 18