كتاب شرح أبي داود للعيني (اسم الجزء: 3)

وهي عند الدارقطني، والأولى عنده، وعند الحاكم، والثانية عند الشافعي.
وأما الاضطراب في متنه فتارة يقول: " صلى فبدأب (بسم الله الرحمن الرحيم) لأم القرآن، ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها " كما تقدم عند الحاكم، وتارة يقول: " فلم يقرأ ب (بسم الله الرحمن الرحيم) حين افتتح القرآن، وقرأ بأم الكتاب "، كما هو عند الدارقطني في رواية إسماعيل بن عياش، وتارة يقول: " فلم يقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) لأم القرآن ولا للسورة التي بعدها " كما هو عند الدارقطني في رواية ابن جريج، ومثل هذا الاضطراب في السند، والمتن مما يوجب ضعف الحديث، لأنه مشعر بعدم ضبطه.
الوجه الثاني: إن شرط الحديث الثابت أن لا يكون شاذا، ولا معللاً، وهذا شاذ ومعلل، فإنه مخالف " رواه الثقات الأثبات، عن أنس، وكيف يروي أنس مثل حديث معاوية هذا محتجا به وهو مخالف " رواه، عن النبي- عليه السلام- وعن خلفائه الراشدين؟ ولم يعرف أحد من أصحاب أنس المعروفين بصحبته أنه نقل عنه مثل ذلك، ومما يرد حديث معاوية هذا أن أنسأ كان مقيما بالبصرة، ومعاوية " قدم المدينة لم يذكر أحد علمناه أن أنسأ كان معه، بل الظاهر أنه لم يكن معه.
الوجه الثالث: إن مذهب أهل المدينة قديما وحديثا ترك الجهر بها، ومنهم من لا يرى قراءتها أصلاً. قال عروة بن الزبير- أحد الفقهاء السبعة-: " أدركت الأئمة، وما يستفتحون القراءة إلا ب (الحمد لله رب العالمين) ".
وقال عبد الرحمن بن القاسم: ما سمعت القاسم يقرأ بها. وقال
عبد الرحمن الأعرج: أدركت الأئمة، وما يستفتحون القراءة إلا ب (الحمد لله رب العالمين) ، ولا يحفظ عن أحد من أهل المدينة بإسناد صحيح أنه كان يجهر بها إلا شيء يسير وله محمل، وهذا عملهم يتوارثه آخرهم عن أولهم، فكيف ينكرون على معاوية ما هو سنتهم؟ هذا باطل.

الصفحة 424