كتاب شرح أبي داود للعيني (اسم الجزء: 3)

ومنها: ما أخرجه الخطيب أيضاً، عن محمد بن أبي السرى، ثنا
المعتمر، عن حميد الطويل، عن بكر بن عبد الله المزني، قال: " صليت
خلف عبد الله بن الزبير فكان يجهر ب (بسم الله الرحمن الرحيم) وقال:
ما يمنع أمراءكم أن يجهروا بها إلا الكبر ".
قال ابن عبد الهادي: إسناده صحيح، لكنه يحمل على الإعلام بأن
قراءتها سُنَة، فإن الخلفاء الراشدين كانوا (1) يسرونها، فظن كثير من
الناس أن قراءتها بدعة، فجهر بها من جهر بالصحابة ليُعْلموا الناس أن
قراءتها سُنَة، لا أنه فعدها دائما، وقد ذكر ابن المنذر، لن ابن الزبير
ترك الجهر، والله تعالى أعلم /، وأما أقوال التابعين في ذلك فليست [1/267-أ] بحجة، مع أنها اختلفت، فروي عن غير واحد منهم الجهر، وروي عن
غير واحد منهم تركه، وفي بعض الأسانيد إليهم الضعف والاضطراب،
ويمكن حمل جهر من جهر منهم على أحد الوجوه المتقدمة، والواجب في
مثل هذا الرجوع إلى الدليل لا إلى الأقوال، وقد نقل الجهر عن غير
واحد من الصحابة، والتابعين، والمشهور عنهم غيره، كما نقل الخطيب
الجهر عن الخلفاء الراشدين الأربعة، ونقله البيهقي، وابن عبد البر، عن
عمر، وعلي، والمشهور عنهم تركه، كما ثبت ذلك عنهم. قال
الترمذي في ترك الجهر: والعمل على هذا عند أهل العلم من الصحابة، منهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وغيرهم ومَن
بعدهم من التابعين، وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، وأحمد،
وكذلك قال ابن عبد البر: لم يختلف في الجهر بها عن ابن عمر، وهو الصحيح عن ابن عباس، قال: ولا أعلم أنه اختلف في الجهر بها
عن ابن عمر، وشداد بن أوس، وابن الزبير، وقد ذكر الدارقطني، والخطيب، عن ابن عمر عدم الجهر، وكذلك روى الطحاوي، والخطيب، وغيرهما، عن ابن عباس عدم الجهر، وكذلك ذكر ابن
__________
(1) في الأصل: " كان ".

الصفحة 429