كتاب شرح أبي داود للعيني (اسم الجزء: 3)

" أكان رسول الله يقرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم) أو (الحمد لله رب
العالمين) ؟ قال: إنك لتسألني عن شيء ما أحفظه، أو ما سألني أحد قبلك ". قال الدارقطني: إسناده صحيح (1) .
قلنا: الجواب عن الأول: إن الاعتماد على كثرة الرواة إنما يكون بعد
صحة الدليلين، وأحاديث الجهر ليس فيها صحيح صريح، بخلاف
حديث الإخفاء، فإنه صحيح صريح، ثابت، مخرج في الصحيح،
والمسانيد المعروفة، والسنن المشهورة، مع أن جماعة من الحنفية لا يرون
الترجيح بكثرة الرواة، وأحاديث الجهر- دان كثرت رواتها- لكنها كلها ضعيفة، وكم من حديث كثرت رواته، وتعددت طرقه وهو ضعيف؟
كحديث " الطير "، وحديث " الحاجم، والمحجوم "، وحديث:" من
كنت مولاه فعلي مولاه "، بل قد لا يزيد الحديث كثرة الطرق إلا ضعفا، وأحاديث الجهر لم يروها إلا الحاكم، والدارقطني، فالحاكم عرف
تساهله، وتصحيحه للأحاديث الضعيفة، بل الموضوعة، والدارقطني قد
ملأ كتابه من الأحاديث الضعيفة، والغريبة، والشاذة، / والمعللة، وكم [1/267-ب] فيه من حديث لا يوجد في غيره، وقد حكي: أن الدارقطني " دخل
مصر سأله بعض أهلها تصنيف شيء في الجهر بالبسملة، فصنف فيه جزءا
فأتاه بعض ا"لكية، فأقسم علي أن يخبره بالصحيح من ذلك، فقال:
" كل ما روي عن النبي- عليه السلام- في الجهر فليس بصحيح، وأما
عن الصحابة فمنه صحيح ومنه ضعيف ".
وعن الثاني: إن هذه الشهادة- وإن ظهرت في صورة النفي- فمعناها
الإثبات، على أن هذا مختلف فيه، فالأكثرون على تقديم الإثبات،
وعند البعض هما سواء، وعند البعض النافي مقدم على المثبِت، وإليه
ذهب الآمدي، وغيره.
وعن الثالث: إن ما روي من إنكار أنس لا يقاوم ما ثبت عنه خلافه
__________
(1) أحمد (3 / 66 1، 0 9 1) ، والدارقطني (1 / 6 31) ، وأخرجه كذلك أحمد (3 / 273) من طريق قتادة، عن أنس به.
-

الصفحة 431