كتاب شرح أبي داود للعيني (اسم الجزء: 3)

في الصحيح، ويحتمل أن يكون أنس نسي في تلك الحال لكبره، وقد وقع مثل ذلك كثيرا، كما سئل يوماً عن مسألة، فقال: عليكم بالحسن فاسألوه، فإنه حفظ ونسينا، وكم ممن حدث ونسي، ويحتمل أنه إنما سأله عن ذكرها في الصلاة أصلاَ، لا عن الجهر بها وإخفائها.
فإن قيل: يجمع بين الأحاديث بأن يكون أنس لم يسمعه لبعده، وأنه كان صبيا يومئذ. قلت: هذا مردود، لأنه- عليه السلام- هاجر إلى المدينة، ولأنس يومئذ عشر سنين، ومات وله عشرون سنة، فكيف يتصور أن يصلي خلفه عشر سنين فلا يسمعه يوماً من الدهر يجهر؟ هذا بعيد، بل مستحيل، ثم قد روي هذا في زمن رسول الله، فكيف وهو رجل في زمن أبي بكر، وعمر، وكهل في زمن عثمان مع تقدمه في زمانهم، وروايته للحديث؟ وقد روى أنس، قال: " كان رسول الله يحب أن يليه المهاجرون، والأنصار، ليأخذوا عنه".
ورواه النسائْي، وابن ماجه (1) . وقال النووي في " الخلاصة ": إسناده على شرط البخاري، ومسلم " (2) . وقد ذهب البعض إلى أن أحاديث الجهر منسوخة " نبينه عن قريب، إن شاء الله تعالى.
761- ص- نا مسدد، نا عبد الوارث بن سعيد، عن حسين المعلم، عن بديل بن ميسرة، عن أبي الجوزاء، عن عائشة، قالت: " كان رسول الله يفتتحُ الصلاةَ بالتكبيرِ، والقراءةَ ب (الحمدُ لله ربَّ العَالمينَ) ، وكان إذاَ ركعَ لم يُشخصْ رأسَه، ولم يُصوِبْهُ، ولكن بين ذلك، وكان إذا رفعَ رأسَه من الركوع لم يسجدْ حتى يستوي قائماً وكان إذا رفِعَ رأسَه من السجودِ لم يسجدْ حتى يستويَ قاعداً، وكان (3) إذا جَلَسَ يفرِشُ رِجلَه اليُسرَى،
__________
(1) النسائي في الكبرى، كتاب المناقب، باب: مناقب المهاجرين والأنصار (5 / 8311) ، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: من يستحب أن يلي
" لإمام (977) .
(2) إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.
(3) في سنن أبي داود أتى قوله:" وكان إذا جلس ... اليمنى، بعد قوله: " وكان يقول في كل ركعتين: " التحيات ".

الصفحة 432