كتاب شرح أبي داود للعيني (اسم الجزء: 3)

ومواظبته- عليه السلام- لا تدل على الفرضية، فإنه كان يواظب على
سائر الواجبات. وقال الشيخ محي الدين (1) : ودليل الجمهور قوله-
عليه السلام-: " لا صلاة إلا بأم القرآن "، فإن قالوا: المراد: لا
صلاة كاملة، قلنا: هذا خلاف ظاهر اللفظ. ومما يؤيده حديث أبي
هريرة، قال: قال رسول الله: " لا تجزىْ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة
الكتاب " رواه أبو بكر بن خزيمة في " صحيحه " بإسناد صحيح، وأما حديث: " اقرأ ما تيسر ... ، محمول على الفاتحة فإنها مُتَيسرة، أو
على ما زاد على الفاتحة بعدها، أو على من عجز عن الفاتحة.
قلت: كل هذا فيه نظر، فقوله: (هذا خلاف ظاهر اللفظ،،
يعارضه قوله: " وأما حديث: " اقرأ ما تيسر " فمحمول على الفاتحة،
لأن هذا أيضاً خلاف ظاهر اللفظ؟ لأن " ما تيسر " وقع مفعولا لقوله:
لا اقرأ،، وهو عام يتناول قراءة الفاتحة، وغيرها، فقوله: " محمول على الفاتحة تخصيص بلا مخصص، وهو باطل، فليت شعري، كيف
جوزوا الحمل هاهنا على خلاف ظاهر اللفظ، ولم يُجَوزوا في قوله:
"لا صلاة إلا بأم القرآن "؟.
وقوله: " أو على ما زاد على الفاتحة بعدها غير صحيح أيضاً، لأنه
لا يمشي على مقتضى مذهبهم، لأن قراءة ما زاد على الفاتحة، غير فرض عندهم.
وأما دعواه التأييد بحديث ابن خزيمة لا تُفيدهم، لأن هذا ليس له من
القوة ما يُعارِض ما أخرجه الأئمة الستة، على أن ابن حبان قد ذكر أنه لم
يقل في خبر العلاء: " لا تجزىْ صلاة ... " إلا شعبة، ولا عنه إلا
وهب كما ذكرناه، وأيضا فلفظ: (فصاعداً " في حديث عبادة يشير
بفرضية قراءة ما زاد على الفاتحة، على مقتضى دعواهم، والحال أن هذا
[1/279- ب] ، ليس مذهبهم، فظهر من هذا التقرير أن الذي يفهم من / الأحاديث
__________
(1) شرح صحيح مسلم (4/102) .

الصفحة 494