كتاب شرح أبي داود للعيني (اسم الجزء: 6)

ابن منبه قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِذا أنفَقَتِ المرأةُ من كَسْب زَوْجِهَا من غَيْرِ أمْرِهِ فَلَهَا نِصْفُ أجْرِه" (1) .
ش- أَي: من غير أمره الصريح في ذلكَ القدر المُعيّن، ويكون معها
إذن عام سابق متناول لهذا القدر وغيره، وذلك الإذن إما بالصريح وإما بالعرف، ولا بد من هذا التأويل لأنه -عليه السلام- جعل الأمر مناصفة بقوله: "فلها نصف أجره "، ومعلوم أنها إذا أنفقت من غير إذن صريح ولا معروف من العرف فلا أجر لها، بل عليها ورد فيتعين تأويله. واعلم أن هذا كله مفروض في قدر يسير يُعلم رضا المالك به في العادة،
فإن زاد على المتعارف لم يجز، وقد أشار إليه قوله- عليه السلام- في الحديث الماضي: "إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة".
قوله: " فلها نصف أجره " قيل: هو على المجاز، أي: أنهما سواء في المثوبة، كل واحد منهما له أجر كامل وهما اثنان، فكأنه نصفان. وقيل: يحتمل أن أجرهما مثلان فأشبه الشيء المنقسم بنصفين، وأشار القاضي إلى أنه يحتمل أن يكون سواء لأن الأجر فضل من الله تعالى ولا يُدرك بقياس، ولا هو بحسب الأعمال، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم.
1808- ص- نا محمد بن سيار المصري، نا عَبدةُ، عن عبد الملك، عن عطاء، عن أبي هريرةَ في المرأة تَصدَقُ من بَيتِ زَوْجِهَا؟ قال: "لا، إلا من قُوتهَا، والأجْرُ بينهما، ولا يَحِل لها أنْ تَصدَقَ من مَال زَوْجِهَا إلا بِإذنهِ " (2) .
ش- عبدة بن سليمان، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وعطاء بن أبي رباح.
__________
(1) البخاري: كتاب البيوع، باب: قول الله تعالى: {أنفقوا من طيبات ما كسبتم} (2066) ، مسلم: كتاب الزكاة، باب: ما أنفق العبد من مال مولاه (1026) .
(2) تفرد به أبو داود.

الصفحة 441