كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 4)

الدليل على النسخ فحديثان: أولهما: رواه أحمد في السند رقم -2377 ج 1/ 264 - عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن ابن إسحاق: حدثنا محمد بن عمرو بن عطاء، قال: دخلت على ابن عباس بيت ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - لغد يوم الجمعة قال: وكانت ميمونة قد أوصت له به، فكان إذا صلى الجمعة بسط له فيه، ثم انصرف إليه فجلس فيه للناس، قال: فسأله رجل وأنا أسمع عن الوضوء مما مست النار من الطعام؟
قال: فرفع ابن عباس يده إلى عينيه، وقد كف بصره، فقال: بصر عيناي هاتان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ لصلاة الظهر في بعض حجره، ثم دعا بلال إلى الصلاة، فنهض خارجا، فلما وقف على باب الحجرة لقيته هدية من خبر ولحم بعث بها إليه بعض أصحابه، قال فرجع رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - بمن معه، ووضعت لهم في الحجرة، قال: فأكل وأكلوا معه، قال: ثم نهض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن معه إلى الصلاة، وما مس ولا أحد ممن كان معه ماء، قال: ثم صلى بهم.
وكان ابن عباس إنما عقل من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخره. وهذا فيه أيضا رد على من زعم الخصوصية.
وقال الشافعي فيما رواه عنه الزعفراني: إنما قلنا لا يتوضأ منه لأنه عندنا منسوخ، ألا ترى أن عبد الله بن عباس، وإنما صحبه بعد الفتح، يروي عنه أنه رآه يأكل من كتف شاة، ثم صلى، ولم يتوضأ، وهذا عندنا من أبين الدلالات على أن الوضوء منه منسوخ، أن أمره بالوضوء منه بالغسل للتنظيف (¬1) والثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يتوضأ منه، ثم عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن عباس، وعامر بن ربيعة،
¬__________
(¬1) قال الجامع: القول بأن المراد به غسل اليدين للتنظيف غير مرضي كما تقدم بيانه.

الصفحة 107