كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 4)

كانت أفعاله غير لازمة العمل بها لأمته إذا لم تكن بيانا عن حكم فرض في التنزيل. وقال صاحب التلويح: وفيه نظر من حيث إن ابن ماجه رواه عن عبد الرحمن بن إبراهيم، قال: حدثنا الوليد بن مسلم الحديث الذي ذكرناه آنفًا، وفي حديث موسى بن يعقوب عنده أيضا وهو بسند صحيح قال: حدثني أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة، عن أبيه، عن أم سلمة مرفوعًا "إذا شربتم اللبن فمضمضوا، فإن له دسما"، وعنده أيضًا من حديث عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مضمضوا من اللبن فإن له دسما"، وعند ابن أبي حاتم في كتاب العلل من حديث أنس "هاتوا ماء فمضمض به". وفي حديث جابر رضي الله عنه عند ابن شاهين "فمضمض من دسمه".
وقال الشيخ أبو جعفر البغدادي: الذي رواه أبو داود بسند لا بأس به عن عثمان بن أبي شيبة، عن زيد بن حباب، عن مطيع بن راشد، عن توبة العنبري، سمع أنس بن مالك "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب لبنا فلم يمضمض، ولم يتوضأ، وصلى" يدل على نسخ المضمضة، وقال صاحب التلويح: يخدش فيه ما رواه أحمد بن منيع في مسنده بسند صحيح: حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب، عن ابن سيرين، عن أنس رضي الله عنه "أنه كان يمضمض من اللبن ثلاثا" فلو كان منسوخا لما فعله بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -"
قال العيني لا يلزم من فعله هذا، والصواب في هذا أن الأحاديث التي فيها الأمر بالمضمضة أمر استحباب لا وجوب، والدليل على ذلك ما رواه أبو داود المذكور آنفا، وما رواه الشافعي رحمه الله تعالى بإسناد حسن عن أنس رضي الله عن "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب لبنا، فلم يتمضمض، ولم يتوضأ".
فإن قلت: ادعى ابن شاهين أن حديث أنس ناسخ لحديث ابن عباس

الصفحة 125