كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 4)

قال الحافظ: وقد وقع عند أبي يعلى من وجه آخر في آخره: وكان علي إذا غسل ميتًا اغتسل، ووقع عند ابن أبي شيبة في مصنفه بلفظ: فقلت: إن عمك الشيخ الكافر قد مات، فما ترى فيه؟ قال: أرى أن تغسله وتجنه، وقد ورد من وجه آخر أنه غسله. رواه ابن سعد عن الواقدي: حدثني معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده، عن علي قال: لما أخبرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بموت أبي طالب بكى، ثم قال لي: اذهب فاغسله، وكفنه، قال: ففعلت، ثم أتيته، فقال لي: اذهب فاغسله وكفنه، قال: ففعلت، ثم أتيته، فقال لي: اذهب فاغتسل، وكذلك رويناه في الغيلانيات.
واستدل بعضهم على ترك غسل المسلم للكافر بما رواه الدارقطني من طريق عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه قال: جاء ثابت بن قيس بن شماس، فقال: يا رسول الله أن أمي توفيت وهي نصرانية، وإني أحب أن أحضرها، فقال له اركب دابتك وسرْ أمامها، فإنك إذا كنت أمامها لم تكن معها، قال الدارقطني: لا يثبت.
قال الحافظ: قلت: وهو مع ضعفه لا دلالة فيه على الأمر بترك الغسل ولا بفعله. اهـ تلخيص ج 2 ص 114 - 115.
المسألة الخامسة: في فوائده: من فوائد الحديث الإحسان إلى القريب ولو كافرا، ودفنه ومشروعية الغسل من دفنه، وهو الذي ترجم عليه المصنف، وكمال أدب الصحابة رضي الله عنهم مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا يُقدمُون على شيء إلا عن أمر منه - صلى الله عليه وسلم - ولو كان ذلك الأمر مما يتعين عليهم، حيث إن عليا سأل عن شأن أبيه بعد موته ولم يتولّ أمره بانفراده، وهذا من وفور إيمانه فلا تغلبه حنانة الأبوة، ولا عظيم قربه منه، بل آثر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فصدق عليه قوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ

الصفحة 149