كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 4)

وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه بسند رجاله ثقات عن رفاعة بن رافع قال: بينا أنا عند عمر بن عبد الخطاب رضي الله عنه إذ دخل عليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين هذا زيد بن ثابت يفتي الناس في المسجد برأيه في الغسل من الجنابة، فقال عمر: عليَّ به، فجاء زيد، فلمارآه عمر، قال: أي عدو نفسه قد بلغت أنك تفتي الناس برأيك، فقال يا أمير المؤمنين بالله ما فعلت لكني سمعت من أعمامي حديثا، فحدثت به: من أبي أيوب، ومن أبي بن كعب، ومن رفاعة بن رافع، فأقبل عمر على رفاعة بن رافع، فقال: وقد كنتم تفعلون ذلك إذا أصاب أحدكم من المرأة، فأكسل لم يغتسل؟، فقال: قد كنا نفعل ذلك على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يأتنا فيه تحريم، ولم يكن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه نهي، قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلم ذلك؟ قال: لا أدري، فأمر عمر بجمع المهاجرين والأنصار، فجمعوا له فشاورهم، فأشار الناس أن لا غسل في ذلك إلا ما كان من معاذ، وعلي رضي الله عنهما، فإنهما قالا: "إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل، فقال عمر رضي الله عنه: هذا وأنتم أصحاب بدر، وقد اختلفتم، فَمَنْ بعدكم أشد اختلافًا، فقال علي رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين إنه ليس أحد أعلم بهذا ممن سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أزواجه، فأرسل الى حفصة؟ فقالت: لا علم بهذا، فأرسل إلى عائشة، فقالت: "إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل"، فقال عمر رضي الله عنه: لا أسمع برجل فعل ذلك إلا أوجعته ضربًا. ورواه الطحاوي، وفيه: "لا أعلم أحدًا فعله ثم لم يغتسل إلا جعلته نكالا". وقد أطال العيني الكلام في هذا البحث في العمدة فانظر فيه ج 3 ص 247 - 450.
قال الجامع عفا الله عنه: الحاصل أن الراجح هو ما عليه الجمهور من أن التقاء الختانين يوجب الغسل بلا إنزال، لوضوح نسخه بما ذكر من الأدلة الصحيحة الصريحة فيه، ولو فرض عدم تأخرها لم ينتهض

الصفحة 162