كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 4)

قال الجامع: في هذا التأويل نظر لا يخفى، فالراجح المذهب الأول، كما سيأتي تحقيقه، إن شاء الله تعالى.
(وهما منصوبتان) جملة حالية من قدميه، أي والحال أن القدمين قائمتان (وهو ساجد) جملة حالية أيضا أي والحال أنه - صلى الله عليه وسلم - ساجد في صلاة الليل، وفيه دليل على أن السنة في السجود نصب القدمين (يقول) جملة حالية، أو خبر بعد الخبر لـ"هو" (أعوذ) أي أعتصم وأتحصن، يقال: عاذ به يعوذ عَوذًا وعياذًا ومعاذًا: لاذ به، ولجأ إليه، واعتصم. اهـ لسان ج 4 ص 3162 (برضاك من سخطك) متعلقان بأعوذ أي ألجأ إليك متوسلًا برضاك من فعل يوجب سخطك علي.
والرضا بالكسر مقصورًا مصدر سماعي لرضي، والقياس بالفتح، والسخط بضم فسكون، وبفتحتين مصدر لسخط، الأول سماعي، والثاني قياسي، قال ابن مالك:
وَمَا أتَى مُخَالفًا لما مَضَى ... فَبَابُهُ النَّقْلُ كَسُخْط وَرِضَى
وفيه إثبات صفة الرضا والسخط لله سبحانه وتعالى.
قال السيوطي في شرحه: قال ابن خاقان البغدادي: سمعت النقاد يقول: طلب الاستغاثة من الله نقص من التوكل. اهـ زهر.
قال الجامع: في هذا الكلام نظر لا يخفى، بل النقص في عدم الاستغاثة بالله، فليس التوكل ترك الأسباب، بل هو الأخذ بالأسباب ثم عدم الاعتماد عليها، ومن الأسباب الدعاء والالتجاء إلى الله تعالى، فقد حث الله تعالى في كتابه عليه، وأرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - قولا وفعلا، وهو سيد المتوكلين والله أعلم.

الصفحة 20