كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 4)

صفات جلاله، وكماله، وصمديته، وقدوسيته، وعظمته، وكبريائه، وجبروته ما لا يُنْتَهى إلى عدّه، ولا يُوصَل إلى حدّه، ولا يحمله عقل، ولا يحيط به فكر، وعند الانتهاء إلى هذا المقام انتهت معرفة الأنام. قاله في زهر ج 1 ص 103.
وقال السندي رحمه الله في تفسير (أعوذ بك منك) الخ: ما حاصله: أي أعوذ بصفات جمالك عن صفات جلالك فهذا إجمال بعد شيء من التفصيل، وتعوذ بتوسل جميع صفات الجمال عن صفات الجلال، وإلا فالتعوذ من الذات مع قطع النظر عن شيء من الصفات لا يظهر، وقيل: هذا من باب مشاهدة الحق والغيبة عن الخلق وهذا محض المعرفة الذي لا يحيطه العباد (لا أحصي ثناء عليك) أي لا أستطيع فردا من ثنائك على شيء من نعمائك، وهذا بيان لكمال عجز البشر عن أداء حقوق الرب
تعالى. ومعنى (أنت كما أثنيت على نفسك) أي أنت الذي أثنيت على ذاتك ثناء يليق بك، فمن يقدر على أداء حق ثنائك؟، فالكاف زائدة والخطاب في عائد الموصول بملاحظة المعنى، نحو:
أنَا الذي سَمَّتْني أمِّي حَيْدَرَهْ
ويحتمل أن الكاف بمعنى "على" والعائد إلى الموصول محذوف أي أنت ثابت دائم على الأوصاف الجليلة التي أثنيت بها على نفسك، والجملة على الوجهين في موضع التعليل، وفيه إطلاق لفظ النفس على ذاته تعالى بلا مشاكلة، وقيل: أنت تأكيد للمجرور في "عليك"، فهو من استعارة المرفوع المنفصل موضع المجرور المتصل، إذ لا منفصل في المجرور، و"ما" في كما: مصدرية، والكاف بمعنى مثل صفة ثناء، ويحتمل أن تكون "ما" على هذا التقرير موصولة، أو موصوفة والتقدير

الصفحة 22