كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 4)

وقد رد الحافظ الزيلعي على البيهقي تبعا لشيخه ابن التركماني في الجوهر النقي، فقال: قلنا: بل هو عروة بن الزبير، كما أخرجه ابن ماجه بسند صحيح، وأما سند أبي داود الذي قال فيه: عن عروة المزني فإنه من رواية عبد الرحمن بن مغراء، عن ناس مجاهيل، وعبد الرحمن مغراء متكلم فيه، قال ابن المديني: ليس بشيء، كان يروي عن الأعمش ستمائة حديث تركناه، لم يكن بذاك، قال ابن عدي: والذي قاله ابن المديني هو كما قال، فإنه رَوى عن الأعمش أحاديث لا يتابعه عليها الثقات. وأما ما حكاه أبو داود عن الثوري أنه قال: ما حدثنا حبيب بن أبي ثابت إلا عن عروة المزني، فهذا لم يسنده أبو داود، بل قال عقبه: وقد روى حمزة الزيات عن عروة بن الزبير عن عائشة حديثا صحيحا، فهذا يدل على أن أبا داود لم يرض بما قاله الثوري، ويقدم هذا، لأنه مثبت والثوري ناف.
والحديث الذي أشار إليه أبو داود هو أنه عليه الصلاة والسلام كان يقول: "اللهم عافني في جسدي، وعافني في بصري"، رواه الترمذي في الدعوات، وقال: غريب (¬1) وسمعت محمد بن إسماعيل يقول:
حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة شيئا، انتهى، وعلى تقدير صحة ما قاله البيهقي: إنه عروة المزني فيحتمل أن حبيبا سمعه من ابن الزبير، وسمعه من المزني أيضا، كما وقع ذلك في كثير من الأحاديث. والله أعلم. وقد مال أبو عمر بن عبد البر إلى تصحيح هذا الحديث، فقال: صححه الكوفيون، وثبتوه لرواية الثقات من أئمة الحديث له، وحبيب لا ينكر لقاؤه عر وة، لروايته عمن هو أكبر من عروة، وأقدم موتًا، وقال في موضع آخر: لا شك أنه أدرك عروة. انتهى. اهـ نصب الراية ج 1 ص 72.
¬__________
(¬1) ونسخة الترمذي: حديث حسن غريب.

الصفحة 31