كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 4)

قال: بعد ذكر ما تقدم عن الثوري من أن حبيبًا لم يحدثهم إلا عن عروة المزني ما نصه: قال أبو داود: وقد رَوَى حمزة الزيات، عن حبيب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة حديثًا صحيحًا، والحديث الذي يشير إليه أبو داود، رواه الترمذي في الدعوات 2/ 261 طبعة بولاق، و-2/ 186 - طبعة الهند، وقال: هذ حديث حسن غريب. قال: سمعت محمدا يقول: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن
الزبير، شيئا، وهذا يدل أولا على أن عروة في هذا الإسناد هو عروة بن الزبير، كما صرح بذلك في رواية أحمد، وابن ماجه، خلافًا لمن وهم، فزعم أن عروة هنا هو عروة المزني، لما روى أبو داود من طريق عبد الرحمن بن مغراء. قال: ثنا الأعمش قال: ثنا أصحاب لنا عن عروة المزني عن عائشة بهذا الحديث. وهذا ضعيف لأن عبد الرحمن بن مغراء وإن كان من أهل الصدق إلا أن فيه ضعفًا، وقد أنكر عليه ابن المديني أحاديث يرويها عن الأعمش لا يتابعه عليها الثقات، وقال الحاكم أبو أحمد: حدث بأحاديث لا يتابع عليها. وقد خالفه في روايته هنا الثقات من أصحاب الأعمش الحفاظ كما بينا في أسانيد الحديث، ويدل كلام أبي داود ثانيًا على أنه يرى صحة رواية حبيب، عن عروة بن الزبير، ويؤيده أن حبيب بن أبي ثابت لم يعرف بالتدليس، بل هو ثقة حجة، وقد أدرك كثيرًا من الصحابة وسمع منهم، كابن عمر، وابن عباس، وأنس، وابن عمر مات سنة -74 - ، وابن عباس سنة -68 - ، وهما أقدم وفاة من عروة، فقد توفى بعد التسعين، وحبيب مات سنة -119 - وعمره -73 - سنة أو أكثر.
وقال الزيلعي في نصب الراية: -1/ 38 - : وقد مال أبو عمر بن عبد البر إلى تصحيح هذا الحديث، فقال: صححه الكوفيون وثبتوه لرواية الثقات من أئمة الحديث له، وحبيب لا ينكر لقاؤه عروة،

الصفحة 36