كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 4)

ويؤيد ذلك قول أكثر أهل العلم: إن المراد بقولة بعض الأعراب للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن امرأته لا ترد يد لامس" الكناية عن كونها زانية، ولهذا قال له - صلى الله عليه وسلم -: "طلقها". انتهى كلام الشوكاني رحمه الله بزيادة، وهو كلام حسن جدًا.
وقد كتب العلامة ابن رشد رحمه الله في بدايته: بعد ذكر اختلاف القولين في تأويل الآية ما نصه: والذي أعتقده أن اللمس وإن كانت دلالته على المعنيين بالسواء أو قريبًا من السواء - الا أنه أظهر في الجماع وإن كان مجازًا لأن الله تعالى قد كنى بالمباشرة والمس عن الجماع، وهما في معنى اللمس، وعلى هذا التأويل في الآية يحتج بها في إجازة التيمم للجنب دون تقدير تقديم فيها ولا تأخير، وترفع المعارضة التي بين الآثار والآية على التأويل الآخر -يريد ابن رشد بالآثار هنا حديث عائشة في القبلة- قال: وأما من فهم من الآية اللمسين معا فضعيف، فإن العرب إذا خاطبت بالاسم المشترك إنما تقصد به معنى واحدًا من المعاني التي يدل عليها الاسم، لا جميع المعاني التي يدل عليها. وهذا بين بنفسه في
كلامهم. اهـ بداية المجتهد ج 1 ص 38 - 39.
قال العلامة ابن شاكر: وهذا الذي قاله ابن رشد تحقيق دقيق، وبحث واضح، نفيس، فإن سياق الآيتين لا يدل إلا على أن المراد المعنى المكني عنه فقط. وكذلك قال الطبري في التفسير بعد حكاية القولين: وأولى القولين بالصواب قول من قال: عنى الله بقوله {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}: الجماع دون غيره من معاني اللمس، لصحة الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قبل بعض نسائه، ثم صلى ولم يتوضأ. وقد أشبع الكلام في هذا العلامة أحمد شاكر، فيما كتبه على الترمذي، كما قدمناه، فارجع إليه فإنه نفيس جدا ج 1 ص 141.

الصفحة 45