كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 4)

شرح الحديث
قال عبد الله بن إبراهيم بن قارظ (رأيت أبا هريرة) رضي الله عنه (يتوضأ) جملة حالية، لأن "رأى" هنا بصرية (على ظهر المسجد) فيه جواز الوضوء على سطح المسجد، وكذا رحبته إذا لم يؤد إلى إيذاء أحد، وقد نقل الإجماع على جوازه ابن المنذر. أفاده في النيل ج 1 ص 314 (فقال) أبو هريرة مبينا سبب وضوئه (أكلت أثوار أقط) أي قطعًا من أقط، فالأثوار جمع ثور -بفتح فسكون- القطعة العظيمة من الأقط، ويجمع أيضا على ثوَرَة: بكسر الثاء ففتح الواو والراء. أفاده في "ق"، والأقط: مثلثة ويحرك، وككتف، ورجل، وإبل: شيء يتخذ من المخيض الغنمي. أفاده في "ق" أيضا، والمخيض فعيل بمعنى مفعول، هو اللبن الذي استخرج زبده بوضع الماء فيه وتحريكه. أفاده في المصباح.
وقال الأزهري: الأقط يتخذ من اللبن المخيض يطبخ، ثم يترك حتى يَمْصُلَ أي حتى يسيل ماؤه. وفي السندي: الأقط: اللبن الجامد اليابس الذي صار كالحجر (فتوضأت منها) أي من الأثوار، ثم ذكر مستنده، فقال (إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي كلامه، حال كونه (يأمر بالوضوء مما مست النار) فأبو هريرة رضي الله عنه ممن يرى وجوب الوضوء مما مست النار، وهو مذهب طائفة من العلماء. كما تقدم.
(تنبيه) المسائل المتعلقة بهذا الحديث تقدم بعضها، ومما يستفاد منه كون الوضوء مما مست النار لم يكن معروفا عندهم، ولولا ذلك لما احتاج أبو هريرة إلى بيان سبب وضوئه، وفيه استحباب بيان العالم
لسبب فعله إذا كان مظنة إنكار الناس له. أفاده بعض الشراح.
وبقية المباحث تأتي إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم.

الصفحة 57