كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 4)

بحديث أبي هريرة هذا بعض التابعين كما نقله الترمذي.
ورواه عبد الرزاق عن عروة بن الزبير، وحكاه ابن المنذر عن طاوس. قال ابن بطال: وهو أحد قولي أبي هريرة. قال الحافظ ولم يصح عنه لأن ابن النذر رواه عنه من طريق أبي المهزم، وهو ضعيف. وحكى ابن المنذر أيضا عن الحسن البصري، وسالم بن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما أنه يتم صومه ثم يقضيه. وروى عبد الرزاق عن عطاء مثل قولهما. قال في الفتح: ونقل بعض المتأخرين عن الحسن بن صالح ابن حي إيجاب القضاء، والذي نقله عنه الطحاوي استحبابه.
ونقل ابن عبد البر عنه، وعن النخعي إيجاب القضاء في الفرض دون التطوع. ونقل الماوردي أن هذا الاختلاف كله إنما هو في حق الجنب، وأما المحتلم فأجمعوا على أنه يجزيه. وتعقبه الحافظ بما أخرجه النسائي بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه أفتى من أصبح جنبا من احتلام أن يفطر. وفي رواية أخرى عنه عند النسائى أيضا: "من احتلم من الليل، أو واقع أهله ثم أدركه الفجر ولم يغتسل فلا يصم". وأجاب القائلون بأن من أصبح جنبا يفطر عن أحاديث الباب بأجوبة:
منها: أن ذلك من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -، ورده الجمهور بأن الخصائص لا تثبت إلا بدليل، وبأن حديث عائشة المذكور في أول الباب- أعني حديث أن رجلا قال يا رسول الله تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم ... الحديث، رواه مسلم- يقتضي عدم اختصاصه - صلى الله عليه وسلم - بذلك.
وجمع بعضهم بين الحديثين بأن الأمر في حديث أبي هريرة أمر إرشاد إلى الأفضل، فإن الأفضل أن يغتسل قبل الفجر، فلو خالف جاز، ويحمل حديث عائشة على بيان الجواز. وقد نقل النووي هذا الجمع عن أصحاب الشافعي، وتعقبه الحافظ بأن الذي نقله البيهقي وغيره عن

الصفحة 95