كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 6)

يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عمَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]؛ فالصلاة من الملائكة دعاء واستغفار، ومن الله رحمة، وبه سميت الصلاة، لما فيها من الدعاء والاستغفار، وفي الحديث "التحيات لله، والصلوات" قال أبو بكر: الصلوات: معناها الترحم، وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} أي يترحمون، وقوله: "اللهم صل على آل أبي أوفى" أي ترحم عليهم.
وتكون الصلاة بمعنى الدعاء، وفي الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دُعِيَ أحدكم إلى طعام فليُجِبْ، فإن كان مُفْطرًا فليَطعَم، وإن كان صائَمًا فلْيُصَلِّ، قوله: "فليصلَ" يعني فليدع لأرباب الطعام بالبركة والخير، وكل داع فهو مُصَلِ، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من صلى عليَّ صلاة صلت عليه الملائكة عشرًا"، ومنه قول الأعشى (من البسيط):
عَلَيْكِ مِثْلَ الَّذي صَلَّيْتِ فاغْتَمِضِي ... نَومًا فَإِنَّ لِجَنْبِ المَرْءِ مُضْطَجَعَا
معناه أنه يأمرها بأن تدعو له مثل دعائها، أي تُعِيدَ الدعاء له، ويُروى "عَلَيك مثْلُ الذي صَلَّيْتِ" -يعني برفع مثل- فهو رد عليها، أي عليك مثلُ دعَائَك، ينالك من الخير مثل الذي أردت بي، ودعوت به لي.
وقال أبو العباس في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} [الأحزاب: 43] فيصلي: يَرْحَمُ، وملائكتهُ يدعون للمسلمين والمسلمات.

الصفحة 8