كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 7)

فعلى هذا لها ثلاثة أوقات: وقت فضيلة واختيار؛ وهو أول الوقت. والثاني: وقت جواز؛ وهو ما لم يغب الشفق. والثالث: وقت عذر؛ وهو وقت العشاء في حق من جمع لسفر أو مطر.
وقد نقل أبو عيسى الترمذي عن العلماء كافة، من الصحابة فمن بعدهم، كراهة تأخير المغرب. اهـ. مجموع، بنوع اختصار جـ 3 ص 29 - 31.
قال الجامع عفا الله عنه: فاتضح بهذا كله كون أرجح المذاهب هو مذهب من قال بأن آخر وقت المغرب هو غروب الشفق الأحمر، لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة في ذلك، وإنما أطلت في نقل كلام النووي رحمه الله، لكونه تحقيقًا بليغًا في عدم التعصب لقول الإمام الشافعي المنصوص عليه في كثير من كتبه واتفق عليه معظم أصحابه، أنه لا وقت لها إلا واحد. فرأيت هذا الإمام أعطى المسألة حقها، ولم يُحَابِ فيها، واعتذر عن إمامه بعدم صحة الحديث عنده، أو بأن ما روي عنه من موافقة الجمهور هو الصحيح.
وهكذا يجب على المسلم أن يكون مع الحق حيثما كان، ولا يهاب إلا الحق، وإن خالفه جل الناس، ويعتذر عن الأئمة الذين خالفوه بوجه من وجوه الأعذار الصحيحة، وياليت أصحاب المذاهب اتبعوا هذا، فإن هذا هو منشأ ائتلاف كلمتهم وتوحيد صفوفهم، وكونهم يدًا واحدة على أعداء الإسلام، ولا يتفرقون تفرق أهل الأهواء الزائغة،

الصفحة 48