كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 12)

الرجل، وكل عُقدة حللتها، فقد فصمتها، قال الله تعالى: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا} [البقرة: 256]، وانفصام العروة أن تُنفَكَّ عن موضعها، وأصل الفصم عند العرب أن تفكّ الخَلْخال، ولا تُبينَ كسره، فإذا كسرته، فقد قصمته -بالقاف- قال ذو الرمة [من البسيط]:
كأنَّهُ دُمْلُجٌ مِن فِضةٍ نَبَهٌ (¬1) ... فِي مَلْعَبٍ من جَوَارِي الْحَي مَفْصُومُ (¬2)
وقال الحافظ رحمه الله: قوله "فيفصِمُ عني" أي يُقلعُ، ويتجلى ما يَغشَاني، وأصل الفصم: القطع، ومنه قوله تعالى: {لَا انْفِصَامَ لَهَا} [البقرة: 256]. وقيل الفصم بالفاء: القطع بلا إبانة، وبالقاف: القطع بإبانة، فذُكِرَ بالفصم إشارة إلى أن الملك فارقه ليعود، والجامع بينهما بقاء العلقة. أفاده في الفتح (¬3).
وقال العلامة العيني رحمه الله تعالى: فيه ثلاث روايات:
[الأولى]: وهي أفصحها لفتح الياء، وإسكان الفاء، وكسر الصاد المهملة. قال الخطابي: معناه، يقلع، ويتجلى ما يغشاني منه، قال: وأصل الفصم: القطع، ومنه {لَا انْفِصَامَ لَهَا} [البقرة: 256]، وقيل: إنه الصدع بلا إبانة، وبالقاف قطعٌ بإبانة، فمعنى الحديث أن الملك فارقه ليعود.
¬__________
(¬1) النَّبَهُ بفتحتين: كل شيء سقط عن الإنسان فنسيه " اهـ لسان العرب جـ 5 ص 3424.
(¬2) التمهيد 22 ص 114 - 115، الاستذكار جـ 8 ص 67 - 68.
(¬3) جـ 1 ص 31.

الصفحة 101